٣٣ - ذِكْرُ اسْتِئْجَارِ الْإِمَامِ عَلَى الْغَنَائِمِ مَنْ يَحْمِلُهَا وَيَقُومُ بِحِفْظِهَا أَوْ سَوْقِ رَقِيقٍ أَوْ حَيَوَانٍ إِنْ كَانَ فِيهَا غَنْمٌ
وَاخْتَلَفُوا فِي اسْتِئْجَارِ مَنْ يَحْمِلُ الْغَنَائِمَ وَيَقُومُ بِحِفْظِهَا، فَكَانَ الْأَوْزَاعِيُّ يَقُولُ فِي الْإِمَامِ تَجْتَمِعُ عِنْدَهُ الْغَنَائِمُ، فَيَخَافُ أَنْ تَضِيعَ الْغَنِيمَةُ: لَا أَعْلَمُ بَأْسًا أَنْ يَقُولَ: مَنْ حَرَسَ اللَّيْلَةَ الْعَسْكَرَ فَلَهُ دَابَّةٌ مِنَ السَّبْيِ، أَوْ دَابَّةٌ مِنَ الْفَيْءِ، فَإِنَّ الرَّاعِيَ يُعْطَى أَجْرَهُ مِنَ الْغَنِيمَةِ، وَقَالَ فِي الْأُسَارَى: يُوثَقُونَ بِالْحِبَالِ وَالْحَدِيدِ، وَيُنْفَقُ عَلَيْهِمْ مِنْ جَمَاعَةِ الْفَيْءِ، وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: يَجْعَلُ الْإِمَامُ لِلرَّاعِي وَالدَّلِيلِ مِنْ جَمَاعَةِ الْمَالِ، قِيلَ لِأَبِي عَمْرٍو: فِمِنْ أَيْنَ يُعْطِي الْجَاسُوسَ؟، قَالَ: مِنَ الْمَالِ الَّذِي تَجَهَّزُوا بِهِ إِلَى الصَّائِفَةِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ، أَعْطَاهُ مِنَ جُمْلَةِ الْغَنِيمَةِ، وَقَالَ أَبُو عَمْرٍو: كَانَتِ الْوُلَاةُ يُجَهِّزُونَ أُمَرَاءَ الصَّوَائِفِ بِمَالٍ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ يَحْمِلُ مِنْهُ لِرِجَالِهِ وَيُنْفِقُ مِنْهُ عَلَى أَهْلِ الْحَاجَةِ وَيُنْفِقُ عَلَى الْجَوَاسِيسِ، وَعَلَى كُلِّ مَنْ أُبْلِيَ بَلَاءً فِي مُنَاهَضَةِ الْحُصُونِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، قَالَ أَبُو عَمْرٍو: فَإِنْ لَمْ يُجَهَّزُوا إِلَيَّ الصَّائِفَةِ بِمَالٍ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ أُعْطِي الْجَوَاسِيسُ، وَالدَّلِيلُ، وَرَاعِي دَوَابِّ الْغَنِيمَةَ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَقْسِمَ الْغَنِيمَةَ، وَيُنْفِقُ عَلَى جَمَاعَةِ السَّبْيِ مِنْ قَبْلَ أَنْ يَقْسِمَ مَنْ جُمْلَةِ الْغَنِيمَةِ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فِي الْإِمَامِ يَسْتَأْجِرُ الْقَوْمَ عَلَى سِبَاقِ الرَّمَلِ إِلَيَّ مَكَانٍ بِالشَّامِ عَلَى النِّصْفِ أَوْ بِدَنَانِيرَ مَعْلُومَةٍ: أَكْرَهُهُ عَلَى فَرَسٍ حُبِسَ، وَأَمَّا أَنْ يُؤَاجِرَ نَفْسَهُ عَلَى دَابَّتِهِ فَأَرْجُو أَنْ لَا يَكُونَ بِهِ بَأْسٌ، وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: إِذَا جَرَّاهُ الْإِمَامُ يَعْنِي مَا أَصَابَ مِنَ الْغَنِيمَةِ عَنْ مَوْضِعِهِ إِلَى مَوْضِعٍ غَيْرِهِ، فَإِنْ كَانَتْ مَعَهُ حَمُولَةٌ حَمَلَهَا عَلَيْهَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ فَيَنْبَغِي لِلْمُسْلِمِينَ أَنْ يَحْمِلُوهُ إِنْ كَانَتْ مَعَهُمْ، حَمَلُوهُ بِلَا كِرَاءٍ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute