حَبِيبِ بْنِ مَسْلَمَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ نَفَّلَ الثُّلُثَ بَعْدَ الْخُمُسِ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَقِيلَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ إِنَّمَا فَرَّقَ الْبَدْأَةَ وَالْقُفُولَ، حَيْثُ فَضَّلَ إِحْدَى السَّرِيَّتَيْنِ عَلَى الْأُخْرَى لِقُوَّةِ الظَّهْرِ عِنْدَ دُخُولِهِمْ، وَضَعْفِهِ عِنْدَ خُرُوجِهِمْ، وَلِأَنَّهُمْ وَهُمْ دَاخِلُونَ أَنْشَطُ، وَأَشْهَى لِلسَّيْرِ وَالْإِمْعَانِ فِي بِلَادِ الْعَدُوِّ، وَأَنَّهُمْ وَهُمْ عِنْدَ الْقُفُولِ لِضَعْفِ دَوَابِّهِمْ، وَأَبْدَانِهِمْ فَهُمْ أَشْهَى لِلرُّجُوعِ إِلَى أَوْطَانِهِمْ، وَأَهَالِيهِمْ لِطُولِ عَهْدِهِمْ بِأَهَالِيهِمْ، وَأَوْطَانِهِمْ، وَحُبِّهِمْ لِلرُّجُوعِ إِلَيْهَا، فَيُقَالُ: إِنَّهُ زَادَهُمْ فَجَعَلَ لَهُمُ الثُّلُثَ فِي الْقُفُولِ لِهَذِهِ الْعِلَلِ، وَاللهُ أَعْلَمُ.
٢٤ - ذِكْرُ الِاخْتِلَافِ فِي هَذَا الْبَابِ
وَاخْتَلَفُوا فِي الْإِمَامِ يُنَفِّلُ فِي الْبَدْأَةِ الرُّبُعَ، وَإِذَا قَفَلَ الثُّلُثَ، فَأَبَاحَتْ طَائِفَةٌ ذَلِكَ، وَمِمَّنْ رَأَى أَنْ يُنَفِّلَ الْإِمَامُ فِي الْبَدْأَةِ الرُّبُعَ بَعْدَ الْخُمُسِ، وَفِي الرَّجْعَةِ الثُّلُثَ بَعْدَ الْخُمُسِ حَبِيبُ بْنُ مَسْلَمَةَ، وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَبِهِ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَقَالَ النَّخَعِيُّ: كَانَ الْإِمَامُ يُنَفِّلُ السَّرِيَّةَ الثُّلُثَ، أَوِ الرُّبُعَ يَضْرِبُهُمْ، أَوْ يُحَرِّضُهُمْ بِذَلِكَ عَلَى الْقِتَالِ، وَقَالَ مَكْحُولٌ، وَالْأَوْزَاعِيُّ: لَا يُنَفِّلُ بِأَكْثَرَ مِنَ الثُّلُثِ، قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: فَإِنْ نَفَّلَهُمْ أَكْثَرَ مِنَ الرُّبُعِ فِي الْبَدْأَةِ، وَالثُّلُثِ فِي الرَّجْعَةِ فَعَمِلُوا عَلَيْهِ قَالَ: فَلْيَفِ لَهُمْ بِهِ، وَلْيَجْعَلْ تِلْكَ الزِّيَادَةَ مِنَ الْخُمُسِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute