للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فَقَالُوا: إِذًا صَدَّقْنَاكَ بِمَا تَقُولُ، وَلَكِنْ نَكْتُبُ كَمَا كُنْتَ تَكْتُبُ، بِاسْمِكَ اللهُمَّ، فَرَضِيَ رَسُولُ اللهِ ، وَأَبَيْتُ عَلَيْهِمْ حَتَّى قَالَ لِي: «يَا عُمَرُ أَتُرَانِي رَضِيتُ وَتَأْبَى أَنْتَ؟»، قَالَ: فَرَضِيتُ.

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَكَانَ رَسُولُ اللهِ أَعْلَمَهُمْ بِاللهِ، وَأَشَدَّهُمْ لَهُ خَشْيَةً، وَلِأَمْرِهِ تَعْظِيمًا، وَلِدِينِهِ إِعْزَازًا، وَلَمْ يُجِبْ إِلَى ذَلِكَ إِلَّا بَعْدَ أَنْ رَأَى أَنَّ ذَلِكَ أَحْوَطُ لِأَهْلِ الْإِسْلَامِ، وَلَعَلَّ فِعْلَهُ ذَلِكَ كَانَ عَنْ أَمَرِ رَبِّهِ، بَلْ لَا شَكَّ فِيهِ، لِقَوْلِهِ لِعُمَرَ: إِنِّي رَسُولُ اللهِ، وَلَسْتُ أَعْصِيهِ، وَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ لِلَّهِ مَعْصِيَتُهُ "، وَذَلِكَ أَنَّ الْمَعْنَى فِي قَوْلِهِ: " بِاسْمِكَ اللهُمَّ، كَالْمَعْنَى فِي قَوْلِهِ: " بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، لِأَنَّ كُلَّ ذَلِكَ مُخَاطَبَةٌ لِلَّهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَيْسَ مِنْهُ شَيْءٌ يُضَافُ إِلَى غَيْرِهِ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: هَذَا مَا قَاضَى عَلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، مَعَ ذِكْرِ رَسُولِ اللهِ ، لَا يُغَيِّرُ مَعْنَى النُّبُوَّةِ، وَنِسْبَتُهُ إِلَى أَبِيهِ صِدْقًا وَحَقًّا، وَلَيْسَ فِي رَدِّ مَنْ رَدَّ مِنْهُمِ فِيمَا شَرَطُوهُ فِي الْكِتَابِ أَكْثَرُ مِنْ تَخَوُّفِ الْفِتْنَةِ عَلَى مَنْ رَدَّ إِلَيْهِمْ مِنْهُمْ، وَقَدْ وَضَعَ اللهُ الْحَرَجَ عَنْ مَنْ فُتِنَ مِنْهُمْ عَنْ دِينِهِ، فَأَعْطَى بِلِسَانِهِ مُكْرَهًا خِلَافَ مَا يَعْقِدُ عَلَيْهِ قَلْبَهُ، فَإِمَّا مُعْطِيًا بِلِسَانِهِ عَلَى الْإِكْرَاهِ مَا لَا يَضُرُّهُ، أَوْ صَابِرًا عَلَى الْمَكْرُوهِ حَتَّى يُقْتَلَ شَهِيدًا، عَلَى أَنَّهُمْ إِنَّمَا كَانُوا يَرُدُّونَ إِمَّا إِلَى أَبٍ أَوْ إِلَى أَخٍ، أَوْ ذَوِي رَحِمٍ يُؤْمَنُ عَلَيْهِ مِنْهُمْ مَكْرُوهًا، لِأَنَّ أُولَئِكَ الَّذِينَ ذَكَرْنَاهُمْ مِنْ أَهَالِيهِمْ أُشْفِقُ عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْ يُسْلِمُوهُ لِلْمَكْرُوهِ، وَقَدْ أَمْضَى اللهُ لِنَبِيِّهِ مَا فَعَلَ مِنْ ذَلِكَ، وَسَمَّاهُ فَتْحًا مُبِينًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>