سِيرِينَ، وَالشَّعْبِيِّ، وَحَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَالثَّوْرِيِّ أَحَبُّ إِلَيْنَا أَنْ يُعِيدَ وَيُعِيدُوا، وَقَالَ النُّعْمَانُ وَأَصْحَابُهُ: يُعِيدُ وَيُعِيدُونَ.
وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ: قَالَهُ عَطَاءٌ، قَالَ: إِنْ صَلَّى إِمَامُ قَوْمٍ غَيْرَ مُتَوَضِّئٍ فَذَكَرَ حِينَ فَرَغَ، قَالَ: يُعِيدُ وَيُعِيدُونَ، فَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ حَتَّى فَاتَتْ تِلْكَ الصَّلَاةُ؛ فَإِنَّهُ يُعِيدُ هُوَ وَلَا يُعِيدُونَ، قُلْتُ: فَصَلَّى بِهِمْ جُنُبًا فَلَمْ يَعْلَمُوا، أَوْ لَمْ يَعْلَمْ حَتَّى فَاتَتْ تِلْكَ الصَّلَاةُ؟، قَالَ: فَلْيُعِيدُوا، فَلَيْسَتِ الْجَنَابَةُ كَالْوُضُوءِ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَمِنْ حُجَّةِ بَعْضِ مَنْ رَأَى أَنْ لَا إِعَادَةَ عَلَى مَنْ صَلَّى خَلْفَ جُنُبٍ خَبَرُ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَخَبَرُ أَبِي بَكْرَةَ، قَالَ: وَفِي خَبَرِ أَبِي بَكْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ دَخَلَ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ، وَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنْ لَا إِعَادَةَ عَلَى الْمَأْمُومِ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الْقَلِيلِ مِنَ الصَّلَاةِ كَحُكْمِ الْكَثِيرِ فِيمَنْ صَلَّى خَلْفَ جُنُبٍ، قَالَ: وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ حَدِيثٌ لَكَانَ فِيمَا رُوِيَ عَنِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ فِي هَذَا الْبَابِ كِفَايَةٌ، وَقَدْ ثَبَتَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مِثْلُ قَوْلِهِمْ، وَلَا نَعْلَمُ عَنْ أَمْرٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ﷺ خِلَافَ قَوْلِهِمْ.
فَأَمَّا مَا حُدِّثَ عَنْ عَلِيٍّ فَفِي الْإِسْنَادَيْنِ جَمِيعًا مَقَالٌ، فَكَأَنَّ عَلِيًّا لَمْ يَأْتِنَا عَنْهُ فِي هَذَا الْبَابِ شَيْءٌ؛ لِضَعْفِ الرِّوَايَتَيْنِ وَتَضَادِّهِمَا، وَاللَّازِمُ لِمَنْ يَرَى اتِّبَاعَ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ ﷺ أَلَّا يُخَالِفَ مَا رُوِّينَاهُ عَنْ عُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَابْنِ عُمَرَ فِي هَذَا الْبَابِ، وَالنَّظَرُ مَعَ ذَلِكَ دَالٌّ عَلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْقَوْمَ لَمَّا صَلَّوْا كَمَا أُمِرُوا وَأَدَّوْا فَرْضَهُمْ ثُمَّ اخْتُلِفَ فِي وُجُوبِ الْإِعَادَةِ عَلَيْهِمْ، لَمْ يَجْزُ أَنْ يُلْزَمُوا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute