قَالَ أَبُو بَكْرٍ: ثَبَتَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ فِي فَأْرَةٍ وَقَعَتْ فِي سَمْنٍ: إِنْ كَانَ مَائِعًا فَلَا تَقْرَبُوهُ فَغَيْرُ جَائِزٍ عَلَى ظَاهِرِ خَبَرِ رَسُولِ اللهِ ﷺ بَيْعُ ذَلِكَ وَشِرَاؤُهُ وَالِانْتِفَاعُ بِهِ بِأَيِّ وَجْهٍ كَانَتِ الْمَنْفَعَةُ بِاسْتِصْبَاحٍ بِهِ أَوِ اسْتِعْمَالٍ فِي الدِّبَاغِ، وَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ مِنْ غَيْرِ الْمُسْلِمِينَ؛ لِأَنَّهُ حَرَامٌ قَدْ نَجِسَ بِوُقُوعِ الْمَيْتَةِ فِيهِ، وَلِمَا أَمَرَ النَّبِيُّ ﷺ بِطَرْحِ مَوْضِعِ الْفَأْرَةِ مِنَ السَّمْنِ الْجَامِدِ مِنْهُ، وَكَانَ حُكْمُ الْمَائِعِ مِنْهُ فِي النَّجَاسَةِ حُكْمَ مَا حَوْلَ السَّمْنِ الَّذِي وَقَعَتْ فِيهِ الْفَأْرَةُ مِنَ الْجَامِدِ مِنْهُ، دَلَّ ذَلِكَ عَلَى تَحْرِيمِ اسْتِعْمَالِهِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَأْمُرُ بِطَرْحِ مَا إِلَى اسْتِعْمَالِهِ وَالِانْتِفَاعِ بِهِ سَبِيلٌ، وَكَيْفَ يَجُوزُ ذَلِكَ، وَقَدْ أَخْبَرَنَا أَنَّ اللهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ كَرِهَ لَنَا إِضَاعَةَ الْمَالِ، وَلَوْ كَانَ الِانْتِفَاعُ بِهِ جَائِزًا مَا أَمَرَنَا بِطَرْحِهِ، وَفِي قَوْلِهِ: «فَلَا تَقْرَبُوهُ» بَيَانُ ذَلِكَ فِي حَدِيثِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، وَقَدْ ذَكَرْتُهُ فِيمَا مَضَى لَمَّا قِيلَ لَهُ: أَرَأَيْتَ يَا رَسُولَ اللهِ شُحُومَ الْمَيْتَةِ فَإِنَّهُ يُدْهَنُ بِهَا السُّفُنُ، وَيُدْهَنُ بِهَا الْجُلُودُ، وَيَسْتَنْفِعُ بِهَا النَّاسُ، فَقَالَ: «لَا» أَبْيَنُ الْبَيَانِ عَلَى أَنَّ السَّمْنَ الْمَائِعَ إِذَا سَقَطَتْ فِيهِ الْفَأْرَةُ غَيْرُ جَائِزٍ الِانْتِفَاعُ بِهِ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ؛ لِأَنَّ الَّذِي مَنَعَ مِنْهُ النَّبِيُّ ﷺ فِي مَعْنَاهُ نَجِسٌ حَرَامٌ مِثْلُهُ.
٨٨٤ - حَدَّثَنَا يَحْيَى، ثنا الْحَجَبِيُّ، ثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ وَرَّادٍ، كَاتَبِ الْمُغِيرَةِ، قَالَ: كَتَبَ مُعَاوِيَةُ إِلَى الْمُغِيرَةِ أَنِ اكْتُبْ إِلَيَّ مَا سَمِعْتَ مِنَ رَسُولِ اللهِ ﷺ فَكَتَبَ إِلَيْهِ: «أَنَّهُ كَانَ يَنْهَى عَنْ قِيلَ وَقَالَ، وَكَثْرَةِ السُّؤَالِ، وَإِضَاعَةِ الْمَالِ».
وَمِمَّا يُحْتَجُّ بِهِ فِي الْمَنْعِ مِنْ ثَمَنِ مَا هُوَ حَرَامٌ أَخْبَارٌ ثَابِتَةٌ عَنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ مِنْهَا حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ.
٨٨٥ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثنا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، ثنا هُشَيْمٌ، ثنا خَالِدٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute