خُفَّيْهِ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَحْتَسِبُ بِهِ مَنْ وَقَّتَ مَسْحَهُ عَلَى خُفَّيْهِ تَمَامَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ لِلْمُقِيمِ، وَإِلَى تَمَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَلَيَالِيهِنَّ مَنْ وَقَّتَ مَسْحَهُ فِي السَّفَرِ. هَذَا قَوْلُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ.
وَمِنْ حُجَّةِ مَنْ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ ظَاهِرُ قَوْلِ رَسُولِ اللهِ ﷺ: «يَمْسَحُ الْمُسَافِرُ عَلَى خُفَّيْهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيهِنَّ، وَالْمُقِيمُ يَوْمًا وَلَيْلَةً» فَظَاهِرُ هَذَا الْحَدِيثِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْوَقْتَ فِي ذَلِكَ وَقْتُ الْمَسْحِ، لَا وَقْتُ الْحَدَثِ، ثُمَّ لَيْسَ لِلْحَدَثِ ذِكْرٌ فِي شَيْءٍ مِنَ الْأَخْبَارِ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَعْدِلَ عَنْ ظَاهِرِ قَوْلِ رَسُولِ اللهِ ﷺ إِلَى غَيْرِ قَوْلِهِ إِلَّا بِخَبَرٍ عَنِ الرَّسُولِ أَوْ إِجْمَاعٍ يَدُلُّ عَلَى خُصُوصٍ.
وَمِمَّا يَزِيدُ هَذَا الْقَوْلَ وُضُوحًا وَبَيَانًا قَوْلُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ قَالَ: «يَمْسَحُ إِلَى السَّاعَةِ الَّتِي تَوَضَّأَ فِيهَا».
٤٦٩ - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا أَبُو بَكْرٍ، ثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، عَنْ عُمَرَ، فَذَكَرَهُ.
وَلَا شَكَّ أَنَّ عُمَرَ أَعْلَمُ بِمَعْنَى قَوْلِ رَسُولِ اللهِ ﷺ مِمَّنْ بَعْدَهُ، وَهُوَ أَحَدُ مَنْ رَوَى عَنِ النَّبِيِّ ﷺ الْمَسْحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ، وَمَوْضِعَهُ مِنَ الدِّينِ مَوْضِعَهُ، وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ بَعْدِي».
وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: «اقْتَدُوا بِالَّذِينَ مِنْ بَعْدِي أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ».
وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ: وَهُوَ أَنَّ وَقْتَ الْمَسْحِ مِنَ الْحَدَثِ إِلَى الْحَدَثِ. هَذَا قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute