بِدَارِ الْحَرْبِ، وَقَدْ أَقَامَ رَسُولُ اللهِ ﷺ الْحَدَّ بِالْمَدِينَةِ وَالشِّرْكُ قَرِيبٌ مِنْهَا، وَفِيهَا شِرْكٌ كَثِيرٌ مُوَادَعُونَ، وَضَرَبَ الشَّارِبَ بِحُنَيْنٍ وَالشِّرْكُ قَرِيبٌ مِنْهُ.
وَقَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا، وَلَا سَمِعْتُ أَنَّهُ يَرُدُّ حَدًّا أَنْ يُقِيمَهُ فِي أَرْضِ الْعَدُوِّ قَدِيمًا وَلَا حَدِيثًا إِذَا وَجَبَ عَلَى صَاحِبِهِ.
وَقَالَ فِي الْأُسَارَى مِنَ الْمُسْلِمِينَ: يَجْعَلُونَ عَلَيْهِمْ رَجُلًا مِنْهُمْ يُقِيمُ الْحُدُودَ فِيهِمْ إِذَا خُلِّي بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ ذَلِكَ.
وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ: الدَّارُ لَا تُحِلُّ شَيْئًا وَلَا تُحَرِّمُهُ، وَالزِّنَا، وَالسَّرِقَةُ، وَالْخَمْرُ، وَجَمِيعُ مَا حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِمْ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ، وَدَارِ الْحَرْبِ، وَيُحْكَمُ عَلَى مَنْ أَتَى شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ حُكْمَ اللهِ فِي كُلِّ دَارٍ وَمَكَانٍ كَانَ ذَلِكَ مِنْهُ، لَا يَبْطُلُ حُكْمُ اللهِ إِلَّا بِكِتَابٍ، أَوْ سُنَّةٍ، أَوْ إِجْمَاعٍ.
وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ فِي الرَّجُلِ الْمُسْلِمِ يَكُونُ فِي دَارِ الْحَرْبِ بِأَمَانٍ فَزَنَى هُنَاكَ وَخَرَجَ، فَأَقَرَّ بِهِ: لَمْ يُحَدَّ؛ لِأَنَّهُ زَنَى حَيْثُ لَا تَجْرِي أَحْكَامُ الْمُسْلِمِينَ عَلَيْهِ، وَلَوْ دَخَلَتْ سَرِيَّةٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَزَنَى رَجُلٌ مِنْهُمْ هُنَاكَ، لَمْ أَحُدَّهُ، وَإِذَا كَانَ فِي عَسْكَرٍ فَهُوَ كَذَلِكَ، لَا يُقِيمُ الْحُدُودَ وَلَا الْقِصَاصَ إِلَّا أَمِيرُ مِصْرَ، يُقِيمُ عَلَى أَهْلِهِ الْحُدُودَ، فَأَمَّا غَيْرُهُ فَلَا يُقِيمُ حَدًّا وَلَا قِصَاصًا.
وَقَالَ النُّعْمَانُ فِي الرَّجُلِ الْحَرْبِيِّ يُسْلِمُ فِي دَارِ الْحَرْبِ، فَيَدْخُلُ رَجُلٌ مُسْلِمٌ فَيَقْتُلُهُ فِي دَارِ الْحَرْبِ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً، قَالَ: لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، إِلَّا أَنَّ عَلَيْهِ فِي الْخَطَأِ الْكَفَّارَةَ، فَإِنْ دَخَلَ الْحَرْبِيُّ الَّذِي أَسْلَمَ إِلَيْنَا، ثُمَّ قَتَلَهُ هَاهُنَا فَإِنْ كَانَ قَتَلَهُ خَطَأً، فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ، وَيَأْخُذُهَا الْإِمَامُ، وَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ، وَإِنْ كَانَ عَمْدًا، فَلِلْإِمَامِ أَنْ يَقْتُلَهُ إِنْ شَاءَ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الدِّيَةَ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَعْفُوَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute