وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فِي الْمُسْلِمَ يَسْبِيهِ الْعَدُوُّ، فَيَقْتُلُ هُنَاكَ مُسْلِمًا، أَوْ يَزْنِي، قَالَ: مَا أَعْلَمُ إِلَّا يُقَامُ عَلَيْهِ إِذَا خَرَجَ، وَكَذَلِكَ قَالَ إِسْحَاقُ، وَقَالَ أَحْمَدُ فِي إِقَامَةِ الْحُدُودِ فِي الْجَيْشِ، قَالَ: لَا، حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْ بِلَادِهِمْ.
قَالَ إِسْحَاقُ: إِذَا كَانَ الْإِمَامُ يَرَى إِقَامَةَ ذَلِكَ أَحْسَنَ.
وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: تُقَامُ الْحُدُودُ فِي أَرْضِ الْحَرْبِ كَمَا تُقَامُ فِي أَرْضِ الْإِسْلَامِ، وَذَلِكَ أَنَّ اللهَ جَلَّ ذِكْرُهُ أَمَرَ بِقَطْعِ السَّارِقِ، وَحَدِّ الزَّانِي، وَالْقَاذِفِ، وَأَوْجَبَ الْقِصَاصَ فِي كِتَابِهِ، فَعَلَى الْإِمَامِ أَنْ يُقِيمَ ذَلِكَ فِي دَارِ الْحَرْبِ، كَمَا يُقِيمُهُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ سَوَاءً، وَغَيْرُ جَائِزٍ الْمَنْعُ مِنْ إِقَامَةِ الْحَدِّ الَّذِي أَمَرَ اللهُ بِإِقَامَتِهِ بِغَيْرِ حُجَّةٍ، وَلَا نَعْلَمُ حُجَّةً خَصَّتْ بِذَلِكَ أَرْضًا دُونَ أَرْضٍ، وَلَوْ كَانَ فِي ذَلِكَ مُرَادٌ، لَيْسَ ذَلِكَ فِي كِتَابِهِ، أَوْ عَلَى رَسُولِهِ، هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ.
قَالَ مَالِكٌ فِي الْجَيْشِ إِذَا دَخَلَ دَارَ الْحَرْبِ وَسَرَقَ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ فِي أَرْضِ الْحَرْبِ، أَوْ شَرِبُوا الْخُمُورَ، أَوْ زَنَوْا: يُقِيمُ عَلَيْهِمُ الْحُدُودَ أَمِيرُ الْجَيْشِ كَمَا تُقَامُ الْحُدُودُ فِي أَرْضِ الْإِسْلَامِ، وَهُوَ أَقْوَى عَلَى الْحَقِّ.
وَقَالَ مَالِكٌ: إِذَا فَرَّطَ فِيهِ الْوَالِي وَأَخَّرَهُ حَتَّى يَقْدَمُوا أَرْضَ الْإِسْلَامِ، أَرَى أَنْ يُقَامَ ذَلِكَ فِي أَرْضِ الْإِسْلَامِ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: إِذَا كَانَ الْمُسْلِمُونَ مُسْتَأْمَنِينَ، أَوْ أَسْرَى فِي دَارِ الْحَرْبِ، فَقَتَلَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، أَوْ زَنَوْا بِغَيْرِ حَرْبِيَّةٍ، فَالْحُكْمُ عَلَيْهِمْ كَمَا يَكُونُ عَلَيْهِمْ فِي بِلَادِ الْإِسْلَامِ، وَإِنَّمَا أُسْقِطَ عَنْهُمْ لَوْ زَنَى أَحَدُهُمْ بِحَرْبِيَّةٍ إِذَا ادَّعَى الشُّبْهَةَ، وَلَا يُسْقِطُ دَارُ الْحَرْبِ عَنْهُمْ فَرْضًا، كَمَا لَا يُسْقِطُ صَوْمًا، وَلَا صَلَاةً، وَلَا زَكَاةً، وَإِذَا أَصَابَ الرَّجُلُ حَدًّا هُوَ مُحَاصِرٌ لِلْعَدُوِّ، أُقِيمَ عَلَيْهِ، وَقَدْ يُمْكِنُهُ أَنْ يَلْحَقَ مِنْ كُلِّ مَوْضِعٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute