وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِيمَا عَلَى مَنْ تَرَكَ التَّسْبِيحَ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، فَرُوِّينَا عَنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ قَالَ: الْمُجْزِي ثَلَاثٌ. وَقَالَ إِسْحَاقُ: لَا تَتِمُّ صَلَاتُهُ إِلَّا بِالتَّكْبِيرَاتِ، وَالتَّسْبِيحِ، وَالتَّشَهُّدِ، وَالْقِرَاءَةِ، فِيمَا تَرَكَهَا تَارِكٌ عَمْدًا كَانَ تَارِكًا لِمَا أُمِرَ بِهِ، فَعَلَيْهِ إِعَادَتُهَا.
وَمِنْ حُجَّةِ مَنْ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ: سَبَّحَ فِي سُجُودِهِ وَقَالَ لَمَّا نَزَلَتْ ﴿سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى﴾ [الأعلى: ١] الْآيَةَ: «اجْعَلُوهَا فِي سُجُودِكُمْ»، وَكَذَلِكَ قَالَ لَمَّا نَزَلَتْ ﴿فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ﴾ [الواقعة: ٧٤] الْآيَةَ: «اجْعَلُوهَا فِي رُكُوعِكُمْ»، وَهَذَا إِنْ لَمْ يَكُنْ أَوْكَدَ فِي بَابِ الْأَمْرِ مِنَ التَّشَهُّدِ فَلَيْسَ بِدُونِهِ، فَاللَّازِمُ لِمَنْ جَعَلَ التَّشَهُّدَ فَرْضًا وَجَعَلَ عَلَى تَارِكِهِ إِعَادَةَ الصَّلَاةِ أَنْ يَقُولَ كَذَلِكَ فِي تَارِكِ التَّسْبِيحِ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، إِذْ هُوَ فِي بَابِ الْأَمْرِ مِثْلُهُ أَوْ أَوْكَدُ مِنْهُ.
وَأَسْقَطَتْ طَائِفَةٌ فَرْضَ التَّسْبِيحِ عَنِ الرَّاكِعِ وَالسَّاجِدِ وَقَالَتْ: لَا إِعَادَةَ عَلَى تَارِكِهِ، فَرُوِّينَا عَنِ ابْنِ سِيرِينَ أَنَّهُ قَالَ: إِذَا وَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ فَقَدْ أَتَمَّ، وَإِذَا أَمْكَنَ جَبْهَتَهُ مِنَ الْأَرْضِ فَقَدْ أَتَمَّ.
وَقَالَ الثَّوْرِيُّ: وَإِنْ لَمْ يَقُلْ شَيْئًا، وَقَالَ الْمُسَيَّبُ بْنُ رَافِعٍ نَحْوَهُ، وَقِيلَ لِابْنِ أَبِي نَجِيحٍ: أَكَانَ مُجَاهِدٌ يَقُولُ: يُجْزِيهِ إِذَا وَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ؟ قَالَ: فَأَوْمَأَ بِرَأْسِهِ نَعَمْ.
وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: إِذَا تَرَكَ التَّكْبِيرَ سِوَى تَكْبِيرَةِ الِافْتِتَاحِ، وَقَوْلَهُ سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، وَالذِّكْرَ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، لَمْ يُعِدْ صَلَاتَهُ، وَكَذَلِكَ قَالَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute