وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ فِي الْجُنُبِ عَلَيْهِ أَنْ يَنْوِيَ بِغُسْلِهِ الطَّهَارَةَ وَالْجَنَابَةَ فَإِنِ اغْتَسَلَ لِلْجَنَابَةِ وَلَمْ يَتَوَضَّأْ وَلَمْ يَنْوِ بِهِ الْوُضُوءَ أَجْزَأَهُ لِلْجَنَابَةِ وَتَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ إِلَّا بِوَضُوءٍ.
وَقَالَتْ طَائِفَةُ: يُجْزِيهَا غُسْلٌ وَاحِدٌ إِذَا طَهُرَتْ مِنَ الْحَيْضِ وَرُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنْ عَطَاءٍ وَبِهِ قَالَ رَبِيعَةُ وَأَبُو الزِّنَادِ وَمَالِكٌ وَالثَّوْرِيُّ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ.
وَقَدِ اخْتُلِفَ فِيهِ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ فَحَكَى الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: تَغْتَسِلُ مِنَ الْجَنَابَةِ وَتُقِيمُ عَلَى الْحَيْضَةِ وَحَكَى الْوَلِيدُ بْنُ يَزِيدَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: إِنْ تَرَكَتِ الْغُسْلَ فَلَا حَرَجَ وَإِنِ اغْتَسَلَتْ فَحَسَنٌ وَاسْتَحَبَّ الِاغْتِسَالَ.
وَقَدِ احْتَجَّ بَعْضُ مَنْ أَوْجَبَ عَلَيْهَا لِلْجَنَابَةِ غُسْلًا وَلِلْحَيْضِ غُسْلًا بِأَنَّ اللهَ تَعَالَى أَوْجَبَ الِاغْتِسَالَ مِنَ الْجَنَابَةِ وَأَوْجَبَ الِاغْتِسَالَ مِنَ الْحَيْضِ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا غَيْرُ الْآخَرِ فَلَا يَجُوزُ إِسْقَاطُ أَحَدِ الْغُسْلَيْنِ عَنْهَا إِلَّا بِحُجَّةٍ مِنْ كِتَابٍ أَوْ سُنَّةٍ أَوِ اتِّفَاقٍ، وَمَعْنَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا غَيْرُ الْآخَرِ.
وَاحْتَجَّ بَعْضُ مَنْ خَالَفَ هَذَا الْقَوْلَ بِأَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ يَطُوفُ عَلَى نِسَائِهِ بِغُسْلٍ وَاحِدٍ فَدَلَّ فِعْلُهُ هَذَا عَلَى أَنْ يُجْزِئَ الْمَرْأَةَ إِذَا حَاضَتْ بَعْدَ جَنَابَتِهَا غُسْلٌ وَاحِدٌ نَظِيرَ مَا فَعَلَ النَّبِيُّ ﷺ لِأَنَّ الْمُجَامِعَ عَلَيْهِ الِاغْتِسَالُ إِذَا جَامَعَ فَإِذَا عَاوَدَهُ أَجْزَأَهُ الِاغْتِسَالُ بِالْأَوَّلِ وَالْآخَرِ، وَكَذَلِكَ الْمَرْأَةُ إِذَا أَجْنَبَتْ وَجَبَ عَلَيْهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute