للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثَ عَشَرَ: رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: يَفْصِلُ بَيْنَ الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ الْيَوْمُ وَاللَّيْلَةُ، فَمَنْ أَجْمَعَ مَسِيرَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ رَوْحَتُهُ وَغُدْوَتُهُ وَوَلْجَتُهُ، فَقَدْ أَجْمَعَ سَفَرًا فَلَهُ صَلَاةُ السَّفَرِ وَرُخْصَةُ فِطْرِ الصَّوْمِ، وَمَنْ أَجْمَعَ إِقَامَةَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ صَلَّى صَلَاةَ الْحَضَرِ وَعَلَيْهِ الصَّوْمُ، وَذَلِكَ أَنَّ أَرْضَ الْمُسْلِمِينَ كُلَّهَا مَسَاكِنُ الْآنَ، الْيَوْمُ وَاللَّيْلَةُ يَجْمَعَانِ الدُّنْيَا وَيُعْقَدُ بِهِمَا الزَّمَانُ، وَيُكْمَلُ فِيهِمَا الصَّلَوَاتُ كُلُّهُنَّ، وَيَكُونُ فِيهِمَا الصَّوْمُ.

وَفِيهِ قَوْلُ رَابِعَ عَشَرَ: حَكَاهُ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ، قَالَ إِسْحَاقُ: وَقَدْ خَالَفَ مَا وَصَفْنَا بَعْضُ الْمُتَكَلِّمِينَ، وَقَالُوا: قَدْ مَضَتِ السُّنَّةُ مِنَ النَّبِيِّ وَأَصْحَابِهِ فِي التَّقْصِيرِ لِلْمُسَافِرِ إِذَا كَانَ طَاعِنًا، فَإِذَا وَضَعَ الْمَزَادِ وَالزَّادَ وَتَرَكَ الرَّحِيلَ، وَأَقَامَ أَيَّامًا لِحَاجَةٍ أَوْ تِجَارَةٍ، أَوْ نُزْهَةٍ فَهُوَ بِالْمُقِيمِ أَشْبَهُ مِنْهُ بِالْمُسَافِرِ، فَعَلَيْهِ الْإِتْمَامُ، لِأَنَّ الصَّلَاةَ لَا تُقْصَرُ إِلَّا بِأَمْرٍ مُجْتَمِعٍ عَلَيْهِ، قَالَ: وَقَدْ وَقَعَ عَلَى هَذَا الِاسْمِ الْإِقَامَةُ، قَالَ إِسْحَاقُ: وَقَدْ قَالَتْ عَائِشَةُ: إِذَا وَضَعْتَ الزَّادَ وَالْمَزَادَ فَصَلِّ أَرْبَعًا.

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: احْتَجَّ بَعْضُ مَنْ رَأَى أَنْ يَقْصُرَ الْمُسَافِرُ الصَّلَاةَ مَا لَمْ يَجْمَعْ مُقَامَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا بِظَاهِرِ حَدِيثِ عُمَرَ: صَلَاةُ الْمُسَافِرِ رَكْعَتَانِ تَمَامٌ غَيْرُ قَصْرٍ عَلَى لِسَانِ النَّبِيِّ ، وَبِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ: فَرَضَ اللهُ الصَّلَاةَ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّكُمْ فِي الْحَضَرِ أَرْبَعًا وَفِي السَّفَرِ رَكْعَتَيْنِ، قَالَ: فَكُلُّ مُسَافِرٍ فَهَذَا فَرْضُهُ، إِلَّا مُسَافِرًا خَصَّهُ كِتَابٌ أَوْ سُنَّةٌ أَوْ إِجْمَاعٌ، وَقَدْ أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ عَلَى مَنْ عَزَمَ عَلَى مُقَامِ خَمْسَ عَشْرَةَ لَيْلَةً الْإِتْمَامُ، فَوَجَبَ الْإِتْمَامُ عَلَى مَنْ أَقَامَ خَمْسَ عَشْرَةَ لَيْلَةً بِالْإِجْمَاعِ.

وَقَدِ اعْتَلَّ الْمُزَنِيُّ بِمِثْلِ هَذِهِ الْعِلَّةِ، وَقَالَ: يُقَالُ لَهُ: يَعْنِي الشَّافِعِيَّ، وَالْمَدَنِيَّ: أَجْمَعْتُمْ عَلَى قَصْرِ الصَّلَاةِ، ثُمَّ اخْتَلَفْتُمْ فِي الْمُقَامِ الَّذِي يُتِمُّ، فَلَا يَزِيدُ مَا اجْتَمَعْتُمْ عَلَيْهِ مِنَ الْأَمْصَارِ إِلَّا مُقَامًا تُجْمِعُونَ عَلَيْهِ وَهُوَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا، قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُقِيمَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا سَرَّحَ ظَهْرَهُ، وَصَلَّى

<<  <  ج: ص:  >  >>