للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَسْتَأْنِفُ الْوُضُوءَ هَكَذَا قَالَهُ الْأَوْزَاعِيُّ وَكَذَلِكَ قَالَ: لَوْ كَانَ حَجَّ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الْإِسْلَامِ يُعِيدُ حَجَّهُ لَمَّا حَبِطَ عَمَلُهُ.

وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ كَقَوْلِ الْأَوْزَاعِيِّ فِي الْحَجِّ وَالصَّلَاةِ وَقَالُوا فِي الْوُضُوءِ وَالتَّيَمُّمِ: لَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ.

وَقَالَ مَالِكٌ «فِيمَنْ حَجَّ ثُمَّ ارْتَدَّ ثُمَّ أَسْلَمَ عَلَيْهِ حَجَّةٌ أُخْرَى» وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ: «إِذَا تَيَمَّمَ ثُمَّ ارْتَدَّ عَنِ الْإِسْلَامِ ثُمَّ رَجَعَ إِنَّ ذَلِكَ التَّيَمُّمَ لَا يُجْزِيهِ».

وَكَانَ الَّذِي ارْتَدَّ ثُمَّ أَسْلَمَ يَسْتَأْنِفُ الْعَمَلَ فِي قَوْلِ الْأَوْزَاعِيِّ وَلَيْسَ عَلَيْهِ قَضَاءُ مَا تَرَكَ مِنَ الصَّلَاةِ فِي أَيَّامِ كُفْرِهِ وَلَعَلَّ مِنْ حُجَّتِهِ قَوْلُهُ تَعَالَى ﴿لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ﴾ [الزمر: ٦٥] الْآيَةَ وَقَوْلُهُ ﴿وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ﴾ [المائدة: ٥] الْآيَةَ.

وَخَالَفَهُ غَيْرُهُ فَقَالَ: إِنَّمَا مَعْنَاهُ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ إِنْ مُتَّ عَلَى شِرْكِكَ، قَالَ: وَالدَّلِيلُ عَلَى هَذَا أَنَّ الْخَاسِرَ فِي الْآخِرَةِ لَا يَكُونُ إِلَّا مَنْ مَاتَ عَلَى شِرْكِهِ دُونَ مَنْ رَجَعَ إِلَى الْإِسْلَامِ، وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ مِنَ الْقَوْلِ الْآيَةُ الَّتِي فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ ﴿وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ﴾ [البقرة: ٢١٧] الْآيَةَ فَهَذِهِ الْآيَةُ مُفَسِّرَةٌ لِتِلْكَ الْآيَةِ وَمُبَيِّنَةٌ لِمَعْنَاهَا عَلَى أَنَّ فِي قَوْلِهِ ﴿وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾ [الزمر: ٦٥] الْآيَةَ دَلِيلًا عَلَى أَنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا يَسْتَحِقُّهُ مَنْ مَاتَ عَلَى ارْتِدَادِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>