٢٠٠ - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا مُسَدَّدٌ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ دَاوُدَ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ، عَنِ الرَّبِيعِ، أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ مَسَحَ رَأْسَهُ مِنْ فَضْلِ مَاءٍ فِي يَدِهِ فَبَدَأَ بِمُؤَخَّرِ رَأْسِهِ إِلَى مُقَدَّمِهِ ثُمَّ جَرَّهُ إِلَى مُؤَخَّرِهِ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَدَلَّ هَذَا الْحَدِيثُ عَلَى مِثْلِ مَا دَلَّ عَلَيْهِ الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ فَأَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ الرَّجُلَ الْمُحْدِثَ الَّذِي لَا نَجَاسَةَ عَلَى أَعْضَائِهِ لَوْ صَبَّ مَاءً عَلَى وَجْهِهِ أَوْ ذِرَاعَيْهِ فَسَالَ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَعَلَى ثِيَابِهِ أَنَّهُ طَاهِرٌ، وَذَلِكَ أَنَّ مَاءً طَاهِرًا لَاقَى بَدَنًا طَاهِرًا، وَكَذَلِكَ فِي بَابِ الْوُضُوءِ مَاءٌ طَاهِرٌ لَاقَى بَدَنًا طَاهِرًا وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ الْمَاءَ الْمُتَوَضَّأَ بِهِ طَاهِرٌ وَجَبَ أَنْ يَتَطَهَّرَ بِهِ مَنْ لَا يَجِدُ السَّبِيلَ إِلَى مَاءٍ غَيْرِهِ وَلَا يَتَيَمَّمَ وَمَاءٌ طَاهِرٌ مَوْجُودٌ، لِأَنَّ فِي الْحَدِيثِ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: «الصَّعِيدُ الطَّيِّبُ وُضُوءُ الْمُسْلِمِ مَا لَمْ يَجِدِ الْمَاءَ، فَإِذَا وَجَدْتَ الْمَاءَ فَأَمْسِسْهُ بَشْرَتَكَ». فَأَوْجَبَ اللهُ فِي كِتَابِهِ وَعَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ ﷺ الْوُضُوءَ بِالْمَاءِ وَالِاغْتِسَالَ بِهِ عَلَى كُلِّ مَنْ كَانَ وَاجِدًا لَهُ لَيْسَ بِمَرِيضٍ.
وَفِي إِجْمَاعِ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ النَّدَى الْبَاقِي عَلَى أَعْضَاءِ الْمُتَوَضِّئِ وَالْمُغْتَسِلِ وَمَا قَطَرَ مِنْهُ عَلَى ثِيَابِهِمَا طَاهِرٌ دَلِيلٌ عَلَى طَهَارَةِ الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ وَإِذَا كَانَ طَاهِرًا فَلَا مَعْنَى لِمَنْعِ الْوُضُوءِ بِهِ بِغَيْرِ حُجَّةٍ يَرْجِعُ إِلَيْهَا مَنْ خَالَفَ الْقَوْلَ.
فَأَمَّا قَوْلُ مَنْ قَالَ: إِذَا اغْتَسَلَ بِالْمَاءِ الَّذِي غَسَلَ بِهِ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ كَأَنَّهُ لَمْ يُسَوِّ بَيْنَهُمَا فَإِنَّ جَوَابَ ذَلِكَ أَنْ يُقَالَ لَهُ: بَلَى قَدْ سَوَّى بَيْنَهُمَا لِأَنَّهُ غَسَلَ وَجْهَهُ بِمَاءٍ طَاهِرٍ وَغَسَلَ يَدَيْهِ أَيْضًا كَذَلِكَ بِمَاءٍ طَاهِرٍ وَإِذَا أَجَازَ مِنْ يُخَالِفُنَا أَنْ يَسْتَعْمِلَ الْمَاءَ الْمُسْتَعْمَلَ فِي ظَاهِرِ الذِّرَاعِ فِي بَاطِنِ الذِّرَاعِ جَازَ كَذَلِكَ أَنْ يَسْتَعْمِلَ فِي سَائِرِ الْأَعْضَاءِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute