وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ: وَهُوَ أَنَّهُ يُرَدُّ إِلَى مَغَانِمِ الْجَيْشِ الَّتِي غَنِمُوهَا، هَذَا قِيَاسُ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ، وَاسْتِدْلَالٌ بِقَوْلِهِ: مَنْ بَاعِ عَبْدًا، وَلَهُ مَالٌ، فَمَالُهُ لِلْبَائِعِ، إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُبْتَاعُ، فَلَمَّا كَانَ صَاحِبُ الْمَقْسَمِ هُوَ الْبَائِعَ، وَهُوَ الْقَائِمَ بِأَمْرِ الْجَيْشِ الَّذِينَ غَنِمُوا الْغَنَائِمَ، وَجَبَ رَدُّ السَّبْيِ إِلَيْهِ لِيَرُدَّهُ عَلَى الَّذِينَ يَبْعَثُ عَلَيْهِمُ الْجَارِيَةَ، وَهُمُ الَّذِينَ يَسْتَحِقُّونَ الْغَنَائِمَ مِنْ أَهْلِ الْخُمُسِ، وَغَيْرِهِمْ يُقْسَمُ ذَلِكَ بَيْنَهُمْ عَلَى مَا يَجِبُ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَكَذَلِكَ نَقُولُ: وَمِمَّنْ رُوِّينَا عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ مَكْحُولٌ، وَحِزَامُ بْنُ حَكِيمٍ، وَالْمُتَوَكِّلُ، وَيَزِيدُ بْنُ أَبِي مَالِكٍ، وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: يَرُدُّهُ لِحَدِيثِ رَسُولِ اللهِ ﷺ: «مَنْ بَاعَ عَبْدًا، وَلَهُ مَالٌ، فَمَالُهُ لِلْبَائِعِ»، وَكَذَلِكَ قَالَ إِسْحَاقُ، وَكَانَ مَالِكٌ يُسَهِّلُ فِي الْقَلِيلِ مِنْ ذَلِكَ، وَلَا يَرَى ذَلِكَ فِي الْكَثِيرِ، وَالْيَسِيرِ عِنْدَهُ مِثْلَ الْقُرْطَيْنِ، وَأَشْبَاهِهِمَا.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقِيَاسُ قَوْلِ مَالِكٍ فِي الْكَثِيرِ، إِذَا افْتَرَقَ الْجَيْشُ أَنْ يُتَصَدَّقَ بِهِ كَمَا قَالَ فِيمَا يُغَلُّ، وَقَدْ تَفَرَّقَ النَّاسُ.
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَأَقُولُ فِي الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ مِنْهُ، إِذَا لَمْ يَجِدِ السَّبِيلَ إِلَى رَدِّ ذَلِكَ إِلَى الْمَغْنَمِ؛ لِافْتِرَاقِ الْجَيْشِ، أَنْ يُعْطَى الْإِمَامُ خُمُسَهُ، وَيَتَصَدَّقَ بِالْبَاقِي، وَقَدْ بَيَّنْتُ ذَلِكَ فِي كِتَابِ الْوَدِيعَةِ، وَفِي كِتَابِ تَعْظِيمِ أَمْرِ الْغُلُولِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ، وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ أَنَّهُ قَالَ فِي مِثْلِ هَذَا لِلْمُشْتَرِي: هُوَ لَكَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute