نَضْحُهُ إِلَّا أَنْ يُوجِبَ ذَلِكَ مِمَّا يَجِبُ التَّسْلِيمُ لَهُ، قَالَ: وَلَيْسَ بَيْنَ بَوْلِ مَا أُكِلَ لَحْمُهُ وَمَا لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ فَرْقٌ لِأَنَّ الْفَرَائِضَ لَا تَجِبُ إِلَّا بِحُجَّةٍ.
وَقَدْ ذَكَرَ مُغِيرَةُ عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ أَنَّهُ قَالَ: بَالَ بَغْلٌ قَرِيبَ مِنِّي فَتَنَحَّيْتُ فَقَالَ لِي إِبْرَاهِيمُ: مَا عَلَيْكَ لَوْ أَصَابَكَ وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ عَطَاءٍ وَالزُّهْرِيِّ أَنَّهُمَا أَمَرَا بِالرَّشِّ عَلَى بَوْلِ الْإِبِلِ وَقَالَ النُّعْمَانُ فِي رَوْثِ الْفَرَسِ وَرَوْثِ الْحِمَارِ وَالرَّوْثِ كُلِّهِ سَوَاءٌ إِذَا أَصَابَ الثَّوْبَ مِنْهُ أَكْثَرَ مِنَ الدِّرْهَمِ لَمْ تُجَزِ الصَّلَاةُ فِيهِ وَكَذَلِكَ إِذَا أَصَابَ الْخُفَّ وَالنَّعْلَ.
وَقَالَ يَعْقُوبُ وَمُحَمَّدٌ: يُجْزِيهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ كَثِيرًا فَاحِشًا، وَقَالَ النُّعْمَانُ فِي بَوْلِ الْفَرَسِ: لَا يُفْسِدُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ كَثِيرًا فَاحِشًا، وَبَوْلُ الْحِمَارِ يُفْسِدُ إِذَا كَانَ أَكْثَرَ مِنَ الدِّرْهَمِ وَهُوَ قَوْلُ النُّعْمَانِ وَيَعْقُوبَ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ: لَا يُفْسِدُ بَوْلُ الْفَرَسِ وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا فَاحِشًا لِأَنَّهُ بَوْلُ مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ وَقَالَ النُّعْمَانُ فِي أَخْثَاءِ الْبَقَرِ وَخُرْءِ الدَّجَاجِ مِثْلُ السَّرْقَيْنِ يُفْسِدُ مِنْهُ أَكْثَرُ مِنْ قَدْرِ الدِّرْهَمِ وَكَذَلِكَ قَالَ يَعْقُوبُ وَمُحَمَّدٌ فِي خُرْءِ الدَّجَاجِ خَاصَّةً وَقَالَ مُحَمَّدٌ: الْكَثِيرُ الْفَاحِشُ الرُّبُعُ فَصَاعِدًا.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: احْتَجَّ مَنْ جَعَلَ الْأَبْوَالَ كُلَّهَا نَجِسَةً بِأَنَّ أَبْوَالَ بَنِي آدَمَ لَمَّا كَانَتْ نَجِسَةً فَأَبْوَالُ الْبَهَائِمِ أَوْلَى بِذَلِكَ لِأَنَّ مَأْكُولَ الْآدَمِيِّينَ وَمَشْرُوبَهُمْ يَدْخُلُ حَلَالًا ثُمَّ يَتَغَيَّرُ فِي الْجَوْفِ حَتَّى يَخْرُجُ نَجِسًا، فَكَانَ مَا كَانَ تَعْتَلِفُ الْبَهَائِمُ وَتَأْكُلُ السِّبَاعُ أَوْلَى بِهَذَا لِأَنَّهَا لَا تَتَوَقَّى مَا تَأْكُلُ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَيَلْزَمُ مَنْ جَعَلَ أَبْوَالَ الْبَهَائِمِ قِيَاسًا عَلَى أَبْوَالِ بَنِي آدَمَ أَنْ يَجْعَلَ شَعْرَ بَنِي آدَمَ قِيَاسًا عَلَى أَصْوَافِ الْغَنَمِ وَأَوْبَارِ الْإِبِلِ وَأَشْعَارِ الْأَنْعَامِ هَذَا إِذَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute