للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَالَ الزُّهْرِيُّ: انْصَرَفَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ وَجْهِهِ ذَلِكَ، يَعْنِي غَزْوَةَ الْحُدَيْبِيَةِ، قَافِلًا حَتَّى إِذَا كَانَ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ، نَزَلَتْ سُورَةُ الْفَتْحِ: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا} [الفتح: ١] الْآيَةُ.

٦٦٨٥ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدْ تَبَيَّنَ صَلَاحُ ذَلِكَ لِأَنَّ أَبَا جَنْدَلٍ صَارَ مِنْ أَمْرِهِ بَعْدَ ذَلِكَ حِينَ جِيءَ بِأَبِي بَصِيرٍ، وَاجْتَمَعَتِ الْعِصَابَةُ الَّتِي اجْتَمَعَتْ، وَصَارَ مِنْ أَمْرِهِمْ أَنَّ قُرَيْشًا أَرْسَلَتْ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُنَاشِدُونَهُ بِاللهِ وَالرَّحِمِ، إِلَّا أَرْسَلَ إِلَيْهِمْ، فَمَنْ أَتَاهُ فَهُوَ آمِنٌ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَمَّا مَنِ اشْتَدَّ عَلَيْهِ ذَلِكَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ، وَوَجَدُوا مِنْ ذَلِكَ، فَلَمْ يُرِيدُوا إِلَّا عَزَّ الدِّينِ، وَكَرِهُوا دُخُولَ الضَّعْفِ وَالْوَهَنِ عَلَى الْإِسْلَامِ، مَعَ أَنَّ الْأَعْلَى مِنْ ذَلِكَ وَالْأَفْضَلَ تَسْلِيمُ مَنْ سَلِمَ مِنْهُمْ، لِمَا سَلَّمَ لَهُ رَسُولُ اللهِ مِنْ ذَلِكَ، وَرَضِيَ بِهِ، وَقَدْ تَبَيَّنَ فَضْلُ أَبِي بَكْرٍ فِي ذَلِكَ عَلَى عُمَرَ، قَالَ عُمَرُ: فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ: أَلَسْتَ يَا نَبِيَّ اللهِ حَقًّا؟ قَالَ: بَلَى قَالَ: أَلَسْنَا عَلَى الْحَقِّ، وَعَدُوُّنَا عَلَى الْبَاطِلِ؟ قَالَ: بَلَى "، قُلْتُ: فَلِمَ نُعْطِ الدَّنِيَّةَ فِي دِينِنَا إِذًا؟ قَالَ: إِنِّي رَسُولُ اللهِ، وَلَسْتُ أَعْصِيهِ، وَهُوَ نَاصِرِي قُلْتُ: أَوَ لَسْتَ كُنْتَ تُحَدِّثُنَا أَنَّا سَنَأْتِي الْبَيْتَ فَنَطُوفُ بِهِ؟، قَالَ: أَفَأَخْبَرْتُكَ أَنَّا نَأْتِيهِ الْعَامَ؟ "، قَالَ: لَا، قَالَ: فَإِنَّكَ آتِيهِ وَمُطَوِّفٌ بِهِ قَالَ: فَأَتَيْتُ أَبَا بَكْرٍ فَقُلْتُ: يَا أَبَا بَكْرٍ، أَلَيْسَ هَذَا نَبِيَّ اللهِ حَقًّا؟، قَالَ: بَلَى، قُلْتُ: أَلَسْنَا عَلَى الْحَقِّ وَعَدُوُّنَا عَلَى الْبَاطِلِ؟، قَالَ: بَلَى، ⦗٣١٨⦘ قُلْتُ: فَلِمَ نُعْطِ الدَّنِيَّةَ فِي دِينِنَا؟، قَالَ: أَيْهِ الرَّجُلُ إِنَّهُ رَسُولُ اللهِ، لَيْسَ يَعْصِي رَبَّهُ، وَهُوَ نَاصِرُهُ، فَاسْتَمْسِكْ بِغَرْزِهِ حَتَّى تَمُوتَ، فَوَاللهِ إِنَّهُ لَعَلَى الْحَقِّ، قُلْتُ: أَوَلَيْسَ كَانَ عُدَّتُنَا أَنَّا سَنَأْتِي الْبَيْتَ وَنَطُوفُ بِهِ، قَالَ: بَلَى، أَفَأَخْبَرَكَ أَنَّكَ تَأْتِيَهُ الْعَامَ؟ قَالَ: لَا، وَقَالَ: فَإِنَّكَ آتِيهِ وَمُطَوِّفٌ بِهِ، قَالَ الزُّهْرِيُّ: قَالَ عُمَرُ: فَفَعَلْتُ لِذَلِكَ أَعْمَالًا. فَفِي جَوَّابِ أَبِي بَكْرٍ بِمِثْلِ مَا أَجَابَ بِهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَانَ أَعْلَمَ النَّاسِ بِأَحْكَامِ اللهِ، وَأَحْكَامِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَدِينِهِ بَعْدَ نَبِيِّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَفِي قَوْلِهِ: «إِنِّي رَسُولُ اللهِ، وَلَسْتُ أَعْصِيهِ، وَهُوَ نَاصِرِي» دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ أَجَابَ إِلَى مَا أَجَابَ بِهِ بِأَمْرِ اللهِ. وَيَدُلُّ قَوْلُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَإِنَّكَ آتِيهِ وَمُطَوِّفٌ بِهِ، بَعْدَمَا قَدْ تَقَدَّمَ مِنَ الْكَلَامِ، عَلَى أَنَّ مَنْ حَلَفَ لَيَفْعَلَنَّ فِعْلًا لَمْ يَجْعَلْ لِذَلِكَ وَقْتًا: أَنَّ وَقْتَ ذَلِكَ جَمِيعُ حَيَاتِهِ. وَقَدِ اخْتُلِفَ فِيمَا يَجِبُ عَلَيْهِ إِذَا لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ حَتَّى مَاتَ إِذَا كَانَتِ الْيَمِينُ بِطَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ، وَقَدْ بَيَّنْتُهُ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ. وَفِي إِجَابَةِ أَبِي بَكْرٍ بِمِثْلِ مَا أَجَابَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيَانُ فَضْلِ أَبِي بَكْرٍ عَلَى عُمَرَ. وَقَوْلُ مَنْ قَالَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، فِيمَنْ حَلَفَ بِطَلَاقِ امْرَأَتِهِ لَيَفْعَلَنَّ فِعْلًا، لَهُ أَجَلُ الْمَوْلَى، خِلَافَ ظَاهِرِ هَذَا الْحَدِيثِ. وَمِنْ ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى صِحَّةِ كِتَابِ الْكَاتِبِ، هَذَا مَا اشْتَرَى فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ مِنْ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ، وَعَلَى إِغْفَالِ مَنْ أَنْكَرَ ذَلِكَ، وَزَعَمَ أَنَّ «هَذَا مَا» نَفْيٌ، وَلَيْسَ بِإِثْبَاتٍ، كَأَنَّهُ رَأَى أَنَّ كَاتِبَ: هَذَا مَا ⦗٣١٩⦘ اشْتَرَى " يُنْفَى بِقَوْلِهِ أَنْ يَكُونَ اشْتَرَى شَيْئًا يَجْعَلُهُ فِي مَوْضِعِ جَحْدٍ، وَالدَّلِيلُ عَلَى إِغْفَالِ هَذَا الْقَائِلِ بَيِّنٌ مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، فَأَمَّا الْكِتَابُ فَقَوْلُهُ: {هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ} [التوبة: ٣٥] الْآيَةُ، وَلَيْسَ ذَلِكَ جَحْدٌ لِمَا أَعَادَ مِنْ ذِكْرِ الْكَنْزِ، وَأَوَّلُ الْكَلَامِ وَآخِرُهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَعْنَى: {هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ} [التوبة: ٣٥] ، هَذَا الَّذِي كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ، لَيْسَ عَلَى مَعْنَى الْجَحْدِ، وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ: هَذَا مَا قَاضَى عَلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، وَمِنْ هَذَا الْمَعْنَى قَوْلُهُ: {هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِيَوْمِ الْحِسَابِ} [ص: ٥٣] الْآيَةُ. وَمِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْمُحْرِمَ بِحَجٍّ أَوْ بِعُمْرَةٍ إِذَا أُحْصِرَ بِعَدُوٍّ يُحِلُّ مِنْ إِحْرَامِهِ وَيَنْحَرُ هَدْيَهُ حَيْثُ أُحْصِرَ، لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَلَّ وَنَحَرَ، وَأَمَرَ أَصْحَابَهُ بِذَلِكَ بِالْحُدَيْبِيَّةِ فِي الْمَكَانِ الَّذِي أُحْصِرُوا فِيهِ فِي الْحِلِّ عَلَى سَاعَةٍ مِنَ الْحَرَمِ، وَقَدِ اخْتَلَفُوا فِي وُجُوبِ الْقَضَاءِ عَلَى مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ، وَقَدْ بَيَّنْتُ ذَلِكَ فِي كِتَابِ الْمَنَاسِكِ. وَمِنْ ذَلِكَ ذِكْرُ النِّسْوَةِ الْمُؤْمِنَاتِ، قَالَ: ثُمَّ جَاءَهُ نِسْوَةٌ مُؤْمِنَاتٌ، فَأَنْزَلَ اللهُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٌ} [الممتحنة: ١٠] حَتَّى بَلَغَ: {بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} [الممتحنة: ١٠] الْآيَةُ، فَطَلَّقَ عُمَرُ امْرَأَتَيْنِ كَانَتَا لَهُ فِي الشِّرْكِ، فَتَزَوَّجَ إِحْدَاهُمَا مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ، وَالْأُخْرَى صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ، ⦗٣٢٠⦘ وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الزَّوْجَيْنِ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ الْكِتَابِ يُسْلِمُ أَحَدُهُمَا وَقَدْ دَخَلَ بِهَا، وَقَدْ بَيَّنْتُ اخْتِلَافَهُمْ فِيهِ فِي كِتَابِ الطَّلَاقِ، فَكَرِهْتُ إِعَادَةَ ذَلِكَ هَهُنَا. وَمِنْ ذَلِكَ قَتْلُ أَبِي بَصِيرٍ أَحَدَ الرَّجُلَيْنِ اللَّذَيْنِ دَفَعَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهِمَا لِيَرُدَّاهُ إِلَى مَكَّةَ، فَفِي عِلْمِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ، وَتَرَكَهُ إِنْ يَحْكُمْ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ بِشَيْءٍ، وَإِنْ كَانَ الْمَقْتُولُ مِمَّنْ دَخَلَ فِي جُمْلَةِ مَنْ وَقَعَ الصُّلْحُ بَيْنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَيْنَهُمْ، دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَقِفَ عَنِ الْحُكْمِ عَلَى الْقَاتِلِ فِي مِثْلِ هَذَا، وَشَبَهُهُ إِذَا لَمْ يَحْضُرْ أَوْلِيَاءُ الْقَتِيلِ، اقْتِدَاءَا بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَدِ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي دُخُولِ النِّسَاءِ فِي الْعَقْدِ الَّذِي كَانَ بَيْنَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَبَيْنَ أَهْلِ مَكَّةَ، فَقَالَ قَوْمٌ: لَمْ يَنْعَقِدِ الصُّلْحُ بَيْنَهُمْ قَطُّ إِلَّا عَلَى رَدِّ الرِّجَالِ، لِأَنَّ فِي حَدِيثِ الْمِسْوَرِ، وَمَرْوَانَ، وَعَلِيٍّ: أَنَّهُ لَا يَأْتِيكَ مِنَّا رَجُلٌ، وَإِنْ كَانَ عَلَى دِينِكَ إِلَّا رَدَدْتَهُ عَلَيْنَا، فَاحْتَجَّ لِهَذِهِ اللَّفْظَةِ مَنْ قَالَ: إِنَّ الصُّلْحَ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ إِلَّا عَلَى رَدِّ الرِّجَالِ، وَقَالَ غَيْرُهُمُ: انْعَقَدَ الصُّلْحُ بَيْنَهُمْ عَلَى رَدِّ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ لِأَنَّ فِي خَبَرِ عَقِيلٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ، وَعَلِيٍّ: أَنَّهُ لَا يَأْتِيكَ مِنَّا أَحَدٌ، وَإِنْ كَانَ عَلَى دِينِكَ إِلَّا رَدَدْتَهُ عَلَيْنَا، قَالُوا: فَدَخَلَ فِي قَوْلِهِ: " أَحَدٌ، الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ، قَالُوا: ثُمَّ أَنْزَلَ اللهُ: {إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ} [الممتحنة: ١٠] الْآيَةُ، فَامْتَنَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ أَنْ يَرُدَّهُنَّ إِلَيْهِمْ، ⦗٣٢١⦘ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ أَعْطَاهُمْ فِيمَا كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ أَنْ يَرُدَّ إِلَيْهِمُ الرِّجَالَ مِنْهُمْ وَالنِّسَاءَ، فَأَبْطَلَ اللهُ الشَّرْطَ فِي النِّسَاءِ، وَذَكَرَ أَنَّ فِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْإِمَامَ إِذَا أَعْطَى شَرْطًا خِلَافَ كِتَابِ اللهِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَيَبْطُلُ، كَقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كُلُّ شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللهِ فَهُوَ بَاطِلٌ، وَإِنْ كَانَ مِائَةَ شَرْطٍ "، وَأَكْثَرُ أَصْحَابِنَا يَمِيلُونَ أَنَّ الْكِتَابَ لَمْ يَنْعَقِدْ إِلَّا عَلَى رَدِّ الرِّجَالِ وَحْدَهُمْ. وَفِي قَوْلِهِ: " وَعَلَى أَنَّهُ لَا يَأْتِيكَ مِنَّا رَجُلٌ، وَإِنْ كَانَ عَلَى دِينِكَ إِلَّا رَدَدْتَهُ عَلَيْنَا، دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَنْ جَاءَ مِنْهُمْ إِلَى غَيْرِ بَلَدِ الْإِمَامِ الَّذِي عَقَدَ الصُّلْحَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ أَنْ لَيْسَ عَلَى الْإِمَامِ رَدُّهُ إِلَيْهِمُ، اسْتِدْلَالًا بِأَنَّ أَبَا بَصِيرٍ خَرَجَ إِلَى سَيْفِ الْبَحْرِ، فَجَعَلَ لَا يَخْرُجُ مِنْ قُرَيْشٍ رَجُلٌ قَدْ أَسْلَمَ إِلَّا لَحِقَ بِأَبِي بَصِيرٍ، حَتَّى اجْتَمَعَتْ مِنْهُمْ عِصَابَةٌ، قَالَ: فَوَاللهِ مَا يَسْمَعُونَ بَعِيرٍ خَرَجَتْ لِقُرَيْشٍ إِلَى الشَّامِ، إِلَّا اعْتَرَضُوا لَهَا، فَقَتَلُوهُمْ، وَأَخَذُوا أَمْوَالَهُمْ، فَأَرْسَلَتْ قُرَيْشٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُنَاشِدُونَهُ بِاللهِ وَالرَّحِمِ إِلَّا أَرْسَلَ إِلَيْهِمْ، فَمَنْ أَتَاهُ فَهُوَ آمِنٌ، فَأَرْسَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَنَ جَاءَ إِلَى غَيْرِ بَلَدِ الْإِمَامِ أَنْ لَيْسَ عَلَى الْإِمَامِ رَدُّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>