للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ: وَفِي كَلَامِ أَبِي بَكْرٍ إشْعَارٌ بِتَزَيُّلِ الرِّوَايَتَيْنِ عَلَى اخْتِلَافِ حَالَيْنِ، وَهُمَا يَسَارُ الْمَالِكِ وَإِعْسَارُهُ، فَإِنْ كَانَ مُوسِرًا وَجَبَتْ فِي ذِمَّتِهِ، وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا وَجَبَتْ فِي عَيْنِ الْمَالِ، قَالَ: وَهُوَ غَرِيبٌ.

تَنْبِيهٌ: لِهَذَا الْخِلَافِ أَعْنِي أَنَّهَا: هَلْ تَجِبُ فِي الْعَيْنِ، أَوْ فِي الذِّمَّةِ؟

فَوَائِدُ جَمَّةٌ: مِنْهَا: مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا، وَهُوَ مَا إذَا مَضَى حَوْلَانِ عَلَى النِّصَابِ لَمْ تُؤَدَّ زَكَاتُهُمَا. فَعَلَيْهِ زَكَاةٌ وَاحِدَةٌ، إنْ قُلْنَا: تَجِبُ فِي الْعَيْنِ، وَزَكَاتَانِ إنْ قُلْنَا: تَجِبُ فِي الذِّمَّةِ. هَكَذَا أَطْلَقَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: أَنَّ عَلَيْهِ زَكَاتَيْنِ، إذَا قُلْنَا: تَجِبُ فِي الذِّمَّةِ وَتَبِعَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ الْأَصْحَابِ. مِنْهُمْ الْمُصَنِّفُ هُنَا، فَأَطْلَقُوا، حَتَّى قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ، وَصَاحِبُ التَّلْخِيصِ، وَلَوْ قُلْنَا: إنَّ الدَّيْنَ يَمْنَعُ وُجُوبَ الزَّكَاةِ لَمْ تَسْقُطْ هُنَا؛ لِأَنَّ الشَّيْءَ لَا يُسْقِطُ نَفْسَهُ وَقَدْ يُسْقِطُ غَيْرَهُ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ. وَقَالَ صَاحِبُ الْمُسْتَوْعِبِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَمَنْ تَابَعَهُمَا: إنْ قُلْنَا تَجِبُ فِي الذِّمَّةِ زَكَّى لِكُلِّ حَوْلٍ، إلَّا إذَا قُلْنَا دَيْنُ اللَّهِ يَمْنَعُ، فَيُزَكِّي عَنْ حَوْلٍ وَاحِدٍ، وَلَا زَكَاةَ لِلْحَوْلِ الثَّانِي لِأَجْلِ الدَّيْنِ، لَا لِلتَّعْلِيقِ بِالْعَيْنِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: هَذَا قَوْلُ الْأَكْثَرِ وَزَادَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ: مَتَى قُلْنَا يَمْنَعُ الدَّيْنَ، فَلَا زَكَاةَ لِلْعَامِ الثَّانِي، تَعَلَّقَتْ بِالْعَيْنِ أَوْ الذِّمَّةِ، وَقَالَ: حَيْثُ لَمْ يُوجِبْ أَحْمَدُ زَكَاةَ الْعَامِ الثَّانِي، فَإِنَّهُ بَنَى عَلَى رِوَايَةِ مَنْعِ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّ زَكَاةَ الْعَامِ الْأَوَّلِ صَارَتْ دَيْنًا عَلَى رَبِّ الْمَالِ، وَالْعَكْسُ بِالْعَكْسِ، وَجَعَلَ مِنْ فَوَائِدِ الرِّوَايَتَيْنِ: إخْرَاجَ الرَّاهِنِ الْمُوسِرِ مِنْ الرَّهْنِ بِلَا إذْنٍ إنْ عَتَقَتْ بِالْعَيْنِ.

وَاخْتَارَ سُقُوطَهَا بِالتَّلَفِ وَتَقْدِيمَهَا عَلَى الدَّيْنِ، قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَقَالَ غَيْرُهُ خِلَافَهُ، وَيَأْتِي أَيْضًا. وَقَالَ فِي الْقَوَاعِدِ: قَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ: تَتَكَرَّرُ زَكَاتُهُ لِكُلِّ حَوْلٍ عَلَى الْقَوْلَيْنِ، وَتَأَوَّلَ كَلَامَ أَحْمَدَ بِتَأْوِيلٍ فَاسِدٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>