للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: هُمْ الَّذِينَ لَهُمْ أَكْثَرُ كِفَايَتِهِمْ، وَهُوَ مُعْظَمُهَا، أَوْ مَا يَقَعُ مَوْقِعًا مِنْهَا. كَنِصْفِهَا. وَقَالَ ابْنُ تَمِيمٍ، وَصَاحِبُ الْفُرُوعِ: وَالْمِسْكِينُ مَنْ وَجَدَ أَكْثَرَهَا أَوْ نِصْفَهَا، فَتَلَخَّصَ مِنْ عِبَارَاتِهِمْ: أَنَّ الْمِسْكِينَ مَنْ يَجِدُ مُعْظَمَ الْكِفَايَةِ، وَمَعْنَاهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَكْثَرُهَا، وَكَذَا جُلُّهَا، وَقَدْ فَسَّرَ فِي الرِّعَايَةِ أَكْثَرَهَا بِمُعْظَمِهَا. لَكِنَّ أَعْظَمَهَا وَجُلَّهَا فِي النَّظَرِ أَخَصُّ مِنْ أَكْثَرِهَا، فَإِنَّهُ يُطْلَقُ عَلَى أَكْثَرِ مِنْ النِّصْفِ وَلَوْ بِيَسِيرٍ. بِخِلَافِ جُلِّهَا. وَقَرِيبٌ مِنْهُ مُعْظَمُهَا، وَفِي عِبَارَاتِهِمْ " مَنْ يَقْدِرُ عَلَى بَعْضِهَا وَنِصْفِهَا " فَيُمْكِنُ حَمْلُ مَنْ ذَكَرَ بَعْضَهَا عَلَى نِصْفِهَا، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَقَلَّ مِنْ النِّصْفِ، وَأَنَّهَا أَقْوَالٌ، وَأَمَّا الْفُقَرَاءُ فَهُمْ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يَقَعُ مَوْقِعًا مِنْ كِفَايَتِهِمْ، أَوْ لَا يَجِدُونَ شَيْئًا أَلْبَتَّةَ، وَقَالَ فِي الْمُبْهِجِ وَالْإِيضَاحِ: هُمْ الَّذِينَ لَا صَنْعَةَ لَهُمْ، وَالْمَسَاكِينُ: هُمْ الَّذِينَ لَهُمْ صَنْعَةٌ وَلَا مَغْنَمَ بِهِمْ، وَقَالَ الْخِرَقِيُّ: الْفُقَرَاءُ الزَّمْنَى وَالْمَكَافِيفُ، وَلَعَلَّهُمْ أَرَادُوا: فِي الْغَالِبِ، وَإِلَّا حَيْثُ وُجِدَ مَنْ لَيْسَ مَعَهُ شَيْءٌ، أَوْ مَعَهُ وَلَكِنْ لَا يَقَعُ مَوْقِعًا مِنْ كِفَايَتِهِمْ فَهُوَ فَقِيرٌ، وَإِنْ كَانَ لَهُ صَنْعَةٌ، أَوْ غَيْرَ زَمِنٍ وَلَا ضَرِيرٍ.

الثَّانِي: قَوْلُهُ " وَهُمْ ثَمَانِيَةُ أَصْنَافٍ " حَصَرَ مَنْ يَسْتَحِقُّ الزَّكَاةَ فِي هَذِهِ الْأَصْنَافِ الثَّمَانِيَةِ، وَهُوَ حَصْرُ الْمُبْتَدَأِ فِي الْخَبَرِ، فَلَا يَجُوزُ لِغَيْرِهِمْ الْأَخْذُ مِنْهَا مُطْلَقًا عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ، وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: جَوَازَ الْأَخْذِ مِنْ الزَّكَاةِ لِشِرَاءِ كُتُبٍ يَشْتَغِلُ فِيهَا بِمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ كُتُبِ الْعِلْمِ الَّتِي لَا بُدَّ مِنْهَا لِمَصْلَحَةِ دِينِهِ وَدُنْيَاهُ. انْتَهَى، وَهُوَ الصَّوَابُ.

فَائِدَةٌ: لَوْ قَدَرَ عَلَى الْكَسْبِ، وَلَكِنْ أَرَادَ الِاشْتِغَالَ بِالْعِبَادَةِ لَمْ يُعْطَ مِنْ الزَّكَاةِ قَوْلًا وَاحِدًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>