قُلْت: وَالِاشْتِغَالُ بِالْكَسْبِ وَالْحَالَةُ هَذِهِ أَفْضَلُ مِنْ الْعِبَادَاتِ، وَلَوْ أَرَادَ الِاشْتِغَالَ بِالْعِلْمِ، وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى الْكَسْبِ، وَتَعَذَّرَ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا، فَقَالَ فِي التَّلْخِيصِ: لَا أَعْلَمُ لِأَصْحَابِنَا فِيهَا قَوْلًا، وَاَلَّذِي أَرَاهُ جَوَازُ الدَّفْعِ إلَيْهِ. انْتَهَى، قُلْت: الْجَوَازُ قَطَعَ بِهِ النَّاظِمُ، وَابْنُ تَمِيمٍ، وَابْنُ حَمْدَانَ فِي رِعَايَتِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَقِيلَ: لَا يُعْطَى إلَّا إذَا كَانَ الِاشْتِغَالُ بِالْعِلْمِ يَلْزَمُهُ.
الثَّالِثُ: شَمَلَ قَوْلُهُ " الْفُقَرَاءُ وَالْمَسَاكِينُ " الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى، وَالْكَبِيرَ وَالصَّغِيرَ، وَهُوَ صَحِيحٌ فَالذَّكَرُ وَالْأُنْثَى الْكَبِيرُ لَا خِلَافَ فِي جَوَازِ الدَّفْعِ إلَيْهِ. وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: جَوَازُ إعْطَاءِ الصَّغِيرِ مُطْلَقًا. وَعَلَيْهِ مُعْظَمُ الْأَصْحَابِ، وَعَنْهُ يُشْتَرَطُ فِيهِ أَنْ يَأْكُلَ الطَّعَامَ. ذَكَرَهَا الْمَجْدُ، وَنَقَلَهَا صَالِحٌ وَغَيْرُهُ، وَهِيَ قَوْلٌ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، قَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ: وَقَالَ الْقَاضِي: لَا يَجُوزُ دَفْعُهَا إلَى صَبِيٍّ لَمْ يَأْكُلْ الطَّعَامَ، وَقَدَّمَهُ نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ. ذَكَرَهُ فِي بَابِ الظِّهَارِ، وَهُوَ مِنْ الْمُفْرَدَاتِ، وَحَيْثُ جَازَ الْأَخْذُ، فَإِنَّهَا تُصْرَفُ فِي أُجْرَةِ رَضَاعَتِهِ وَكِسْوَتِهِ، وَمَا لَا بُدَّ مِنْهُ إذَا عَلِمْت ذَلِكَ، فَاَلَّذِي يَقْبَلُ وَيَقْبِضُ لَهُ الزَّكَاةَ وَالْهِبَةَ وَالْكَفَّارَةَ: مَنْ يَلِي مَالَهُ، وَهُوَ وَلِيُّهُ مِنْ أَبٍ وَوَصِيٍّ وَحَاكِمٍ وَأَمِينِهِ وَوَكِيلِ الْوَلِيِّ الْأَمِينِ، قَالَ ابْنُ مَنْصُورٍ: قُلْت لِأَحْمَدَ: قَالَ سُفْيَانُ " لَا يَقْبِضُ لِلصَّبِيِّ إلَّا الْأَبُ أَوْ وَصِيٌّ أَوْ قَاضٍ " قَالَ أَحْمَدُ " جَيِّدٌ "، وَقِيلَ لَهُ فِي رِوَايَةِ صَالِحٍ: قَبَضَتْ الْأُمُّ وَأَبُوهُ حَاضِرٌ؟ فَقَالَ: لَا أَعْرِفُ لِلْأُمِّ قَبْضًا، وَلَا يَكُونُ إلَّا الْأَبُ، قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَلَمْ أَجِدْ عَنْ أَحْمَدَ تَصْرِيحًا بِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ قَبْضُ غَيْرِ الْوَلِيِّ مَعَ عَدَمِهِ، مَعَ أَنَّهُ الْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute