للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَوْلُهُ (وَلَا يُشْتَرَطُ حُرِّيَّتُهُ وَلَا فَقْرُهُ) هَذَا الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ، وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْهُمْ، وَذَكَرَهُ الْمَجْدُ إجْمَاعًا فِي عَدَمِ اشْتِرَاطِ فَقْرِهِ، وَقِيلَ: يُشْتَرَطَانِ. ذَكَرَ الْوَجْهَ بِاشْتِرَاطِ حُرِّيَّتِهِ أَبُو الْخَطَّابِ، وَأَبُو حَكِيمٍ، وَذَكَرَ الْوَجْهَ بِاشْتِرَاطِ فَقْرِهِ ابْنُ حَامِدٍ، وَقِيلَ: يُشْتَرَطُ إسْلَامُهُ وَحُرِّيَّتُهُ فِي عِمَالَةِ تَفْوِيضٍ لَا تَنْفِيذٍ، وَجَوَازُ كَوْنِ الْعَبْدِ عَامِلًا مِنْ مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ.

فَوَائِدُ. الْأُولَى: قَالَ الْقَاضِي فِي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ: يُشْتَرَطُ عِلْمُهُ بِأَحْكَامِ الزَّكَاةِ إنْ كَانَ مِنْ عُمَّالِ التَّفْوِيضِ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ مُنَفِّذًا: فَقَدْ عَيَّنَ الْإِمَامُ مَا يَأْخُذُهُ، فَيَجُوزُ أَنْ لَا يَكُونَ عَالِمًا. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَأَطْلَقَ غَيْرُهُ أَنْ لَا يُشْتَرَطَ إذَا كَتَبَ لَهُ مَا يَأْخُذُهُ كَسُعَاةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَذَكَرَ أَبُو الْمَعَالِي: أَنَّهُ يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ كَافِيًا قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَهُوَ مُرَادُ غَيْرِهِ. قَالَ: وَظَاهِرُ مَا سَبَقَ لَا يُشْتَرَطُ ذُكُورِيَّتُهُ، وَهَذَا مُتَوَجِّهٌ. انْتَهَى، قُلْت: لَوْ قِيلَ بِاشْتِرَاطِ ذُكُورِيَّتِهِ، لَكَانَ لَهُ وَجْهٌ، فَإِنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ أَنَّ امْرَأَةً وُلِّيَتْ عِمَالَةَ زَكَاةٍ أَلْبَتَّةَ، وَتَرْكُهُمْ ذَلِكَ قَدِيمًا وَحَدِيثًا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ جَوَازِهِ، وَأَيْضًا ظَاهِرُ قَوْله تَعَالَى {وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا} [التوبة: ٦٠] لَا يَشْمَلُهَا.

الثَّانِيَةُ: يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حَمَّالُ الزَّكَاةِ وَرَاعِيهَا وَنَحْوُهُمَا كَافِرًا وَعَبْدًا وَمِنْ ذَوِي الْقُرْبَى وَغَيْرِهِمْ. بِلَا خِلَافٍ أَعْلَمُهُ؛ لِأَنَّ مَا يَأْخُذُهُ أُجْرَةٌ لِعَمَلِهِ لَا لِعِمَالَتِهِ.

الثَّالِثَةُ: يُشْتَرَطُ فِي الْعَامِلِ أَنْ يَكُونَ مُكَلَّفًا بَالِغًا. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَقَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَيَتَوَجَّهُ فِي الْمُمَيِّزِ الْعَاقِلِ الْأَمِينِ تَخْرِيجٌ. يَعْنِي بِجَوَازِ كَوْنِهِ عَامِلًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>