للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرَّابِعَةُ: لَوْ وَكَّلَ غَيْرَهُ فِي تَفْرِقَةِ زَكَاتِهِ لَمْ يَدْفَعْ إلَيْهِ مِنْ سَهْمِ الْعَامِلِ. قَوْلُهُ (وَإِنْ تَلِفَتْ الزَّكَاةُ فِي يَدِهِ مِنْ غَيْرِ تَفْرِيطٍ أُعْطِيَ أُجْرَتَهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ) هَذَا الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. قَالَ الْمَجْدُ: يُعْطَى أُجْرَتَهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ عِنْدَ أَصْحَابِنَا، وَفِيهِ وَجْهٌ لَا يُعْطَى شَيْئًا. قَالَ فِي الْفُرُوعِ، قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: وَاخْتَارَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ، وَلَقَدْ اطَّلَعْت عَلَى نُسَخٍ كَثِيرَةٍ لِمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ، فَلَمْ أَجِدْ فِيهِ " اخْتَارَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ " بَلْ يُحْكَى الْوَجْهُ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ، فَلَعَلَّ الشَّيْخَ اطَّلَعَ عَلَى نُسْخَةٍ فِيهَا ذَلِكَ، وَاَلَّذِي قَالَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ: وَالْأَقْوَى عِنْدِي التَّفْصِيلُ، وَهُوَ أَنَّهُ إنْ كَانَ شَرَطَ لَهُ جُعْلًا عَلَى عَمَلِهِ فَلَا شَيْءَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُكْمِلْ الْعَمَلَ. كَمَا فِي سَائِرِ أَنْوَاعِ الْجَعَالَاتِ، وَإِنْ اسْتَأْجَرَهُ إجَارَةً صَحِيحَةً بِأُجْرَةٍ مُسَمَّاةٍ مِنْهَا فَكَذَلِكَ؛ لِأَنَّ حَقَّهُ مُخْتَصٌّ بِالتَّالِفِ، فَيَذْهَبُ مِنْ الْجَمِيعِ، وَإِنْ اسْتَأْجَرَهُ إجَارَةً صَحِيحَةً بِأُجْرَةٍ مُسَمَّاةٍ. وَلَمْ يُقَيِّدْهَا بِهَا، أَوْ بَعَثَهُ وَلَمْ يُسَمِّ لَهُ شَيْئًا، فَلَهُ الْأُجْرَةُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ؛ لِأَنَّ دَفْعَ الْعِمَالَةِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ مَعَ بَقَائِهِ جَائِزٌ لِلْإِمَامِ، وَلَمْ يُوجَدْ فِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ مَا يُعَيِّنُهَا مِنْ الزَّكَاةِ، فَلِذَلِكَ تَعَيَّنَتْ فِيهِ عِنْدَ التَّلَفِ. انْتَهَى وَهَذَا لَفْظُهُ. قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: وَهُوَ الْأَصَحُّ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا الْمَكَانَ مِنْ الْفُرُوعِ غَيْرُ مُحَرَّرٍ.

فَائِدَةٌ: يُخَيَّرُ الْإِمَامُ، إنْ شَاءَ أَرْسَلَ الْعَامِلَ مِنْ غَيْرِ عَقْدٍ وَلَا تَسْمِيَةِ شَيْءٍ، وَإِنْ شَاءَ عَقَدَ لَهُ إجَارَةً. ثُمَّ إنْ شَاءَ جَعَلَ إلَيْهِ أَخْذَ الزَّكَاةِ وَتَفْرِقَتَهَا، وَإِنْ شَاءَ جَعَلَ إلَيْهِ أَخْذَهَا فَقَطْ، فَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِي تَفْرِيقِهَا، أَوْ أَطْلَقَ فَلَهُ ذَلِكَ، وَإِلَّا فَلَا.

قَوْلُهُ (الرَّابِعُ: الْمُؤَلَّفَةُ قُلُوبُهُمْ. وَهُمْ السَّادَةُ الْمُطَاعُونَ فِي عَشَائِرِهِمْ مِمَّنْ يُرْجَى إسْلَامُهُ، أَوْ يُخْشَى شَرُّهُ، أَوْ يُرْجَى بِعَطِيَّتِهِ قُوَّةُ إيمَانِهِ، أَوْ إسْلَامُ نَظِيرِهِ، أَوْ جِبَايَةُ الزَّكَاةِ مِمَّنْ لَا يُعْطِيهَا، أَوْ الدَّفْعُ عَنْ الْمُسْلِمِينَ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>