للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَبُو دَاوُد، وَقَالَ الْحَلْوَانِيُّ فِي التَّبْصِرَةِ، وَصَاحِبُ الْحَاوِي الصَّغِيرِ: الْعِتْقُ أَحَبُّ الْقُرَبِ إلَى اللَّهِ. انْتَهَيَا. وَيَأْتِي ذَلِكَ أَوَّلَ كِتَابِ الْعِتْقِ. وَهَلْ الْحَجُّ أَفْضَلُ، أَمْ الصَّدَقَةُ مَعَ عَدَمِ الْحَاجَةِ، أَمْ مَعَ الْحَاجَةِ؟ وَعَلَى الْقَرِيبِ، أَمْ عَلَى الْقَرِيبِ مُطْلَقًا؟ فِيهِ أَرْبَعُ رِوَايَاتٍ. قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: الْحَجُّ أَفْضَلُ مِنْ الصَّدَقَةِ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَحْمَدَ. انْتَهَى. قُلْت: الصَّدَقَةُ زَمَنَ الْمَجَاعَةِ لَا يَعْدِلُهَا شَيْءٌ. لَا سِيَّمَا الْجَارُ. خُصُوصًا الْقَرَابَةَ، وَقَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ: وَصِيَّتُهُ بِالصَّدَقَةِ أَفْضَلُ مِنْ وَصِيَّتِهِ بِالْحَجِّ التَّطَوُّعِ، فَيُؤْخَذُ مِنْهُ: أَنَّ الصَّدَقَةَ أَفْضَلُ بِلَا حَاجَةٍ، فَيَبْقَى قَوْلٌ خَامِسٌ، وَفِي كِتَابِ الصَّفْوَةِ لِابْنِ الْجَوْزِيِّ: الصَّدَقَةُ أَفْضَلُ مِنْ الْحَجِّ وَمِنْ الْجِهَادِ، وَسَبَقَ فِي أَوَّلِ صَلَاةِ التَّطَوُّعِ: أَنَّ الْحَجَّ أَفْضَلُ مِنْ الْعِتْقِ، فَحَيْثُ قُدِّمَتْ الصَّدَقَةُ عَلَى الْحَجِّ، فَعَلَى الْعِتْقِ بِطَرِيقِ أَوْلَى، وَحَيْثُ قُدِّمَ الْعِتْقُ عَلَى الصَّدَقَةِ، فَالْحَجُّ بِطَرِيقِ أَوْلَى. وَيَأْتِي فِي بَابِ الْوَلِيمَةِ: هَلْ يَجُوزُ الْأَكْلُ مِنْ مَالِ مَنْ فِي مَالِهِ حَرَامٌ وَحَلَالٌ أَمْ لَا؟ .

قَوْلُهُ (وَيُسْتَحَبُّ الصَّدَقَةُ بِالْفَاضِلِ عَنْ كِفَايَتِهِ وَكِفَايَةِ مَنْ يَمُونُهُ) هَكَذَا أَطْلَقَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْأَصْحَابِ. وَمُرَادُهُمْ بِالْكِفَايَةِ: الْكِفَايَةُ الدَّائِمَةُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْحَابُ، بِمَتْجَرٍ أَوْ غَلَّةِ وَقْفٍ وَصَنْعَةٍ، وَهَذَا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا. أَعْنِي الصَّدَقَةَ بِالْفَاضِلِ عَنْ كِفَايَتِهِ، وَكِفَايَةِ مَنْ يَمُونُهُ بِمَتْجَرٍ وَنَحْوِهِ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُذْهَبِ، وَالْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَقَالَ: وَمَعْنَى كَلَامِ ابْنِ الْجَوْزِيِّ فِي بَعْضِ كُتُبِهِ: لَا يَكْفِي الِاكْتِفَاءُ بِالصَّنْعَةِ، وَقَالَهُ فِي غَلَّةِ وَقْفٍ أَيْضًا. قَالَ صَاحِبُ الْفُرُوعِ: وَفِي الِاكْتِفَاءِ بِالصَّنْعَةِ نَظَرٌ، وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي مَوْضِعٍ مِنْ كَلَامِهِ: أُقْسِمُ بِاَللَّهِ لَوْ عَبَسَ الزَّمَانُ فِي وَجْهِك مَرَّةً لَعَبَسَ فِي وَجْهِك أَهْلُك وَجِيرَانُك. ثُمَّ حَثَّ عَلَى إمْسَاكِ الْمَالِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>