وَذَكَرَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي كِتَابِهِ " السِّرُّ الْمَصُونُ " أَنَّ الْأَوْلَى أَنْ يَدَّخِرَ لِحَاجَةٍ تَعْرِضُ، وَأَنَّهُ قَدْ يَتَّفِقُ لَهُ مِرْفَقٌ فَيُخْرِجُ مَا فِي يَدِهِ فَيَنْقَطِعُ مِرْفَقُهُ، فَيُلَاقِي مِنْ الضَّرَرِ وَمِنْ الذُّلِّ مَا يَكُونُ الْمَوْتُ دُونَهُ، وَذَكَرَ كَلَامًا طَوِيلًا فِي ذَلِكَ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ تَصَدَّقَ بِمَا يَنْقُصُ مُؤْنَةَ مَنْ تَلْزَمُهُ مُؤْنَتُهُ: أَثِمَ) ، وَكَذَا لَوْ أَضَرَّ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ، أَوْ بِغَرِيمِهِ، أَوْ بِكَفَالَتِهِ. قَالَهُ الْأَصْحَابُ. فَائِدَةٌ: قَالَ فِي الْفُرُوعِ: ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ مِنْ الْأَصْحَابِ: أَنَّهُ إذَا لَمْ يَضُرَّ فَالْأَصْلُ الِاسْتِحْبَابُ، وَجَزَمَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى بِمَا ذَكَرَهُ بَعْضُ الْأَصْحَابِ: أَنَّهُ يُكْرَهُ التَّصَدُّقُ قَبْلَ الْوَفَاءِ وَالْإِنْفَاقِ الْوَاجِبِ.
قَوْلُهُ (وَمَنْ أَرَادَ الصَّدَقَةَ بِمَالِهِ كُلِّهِ وَهُوَ يَعْلَمُ مِنْ نَفْسِهِ حُسْنَ التَّوَكُّلِ وَالصَّبْرَ عَنْ الْمَسْأَلَةِ فَلَهُ ذَلِكَ) . بِلَا نِزَاعٍ، لَكِنَّ ظَاهِرَ ذَلِكَ: الْجَوَازُ، لَا الِاسْتِحْبَابُ. وَصَرَّحَ بِهِ بَعْضُهُمْ وَجَزَمَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ وَغَيْرُهُ بِالِاسْتِحْبَابِ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَدَلِيلُهُمْ يَقْتَضِي ذَلِكَ قَوْلُهُ (فَإِنْ لَمْ يَثِقْ مِنْ نَفْسِهِ لَمْ يَجُزْ لَهُ) وَهُوَ الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. قَالَهُ أَبُو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ: فَيُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ، وَيُحْجَرُ عَلَيْهِ، وَقَالَ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ: يُكْرَهُ ذَلِكَ. قَوْلُهُ (وَيُكْرَهُ لِمَنْ لَا صَبْرَ لَهُ عَلَى الضِّيقِ أَنْ يَنْقُصَ نَفْسَهُ عَنْ الْكِفَايَةِ التَّامَّةِ) . بِلَا نِزَاعٍ. زَادَ فِي الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ: وَكَذَا مَنْ لَا عَادَةَ لَهُ بِالضِّيقِ.
فَوَائِدُ. الْأُولَى: ظَهَرَ مِمَّا سَبَقَ: أَنَّ الْفَقِيرَ لَا يَقْتَرِضُ وَيَتَصَدَّقُ، وَنَصَّ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي فَقِيرٍ لِقَرَابَتِهِ وَلِيمَةً: يَسْتَقْرِضُ وَيُهْدِي لَهُ. ذَكَرَهُ أَبُو الْحُسَيْنِ فِي الطَّبَقَاتِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute