تَنْبِيهٌ: ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ: أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ وَالْمَسْتُورِ، وَهُوَ صَحِيحٌ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ. وَقَالَ فِي الْفُرُوعِ: يَتَوَجَّهُ فِي الْمَسْتُورِ وَالْمُمَيِّزِ الْخِلَافُ.
فَائِدَةٌ: إذَا ثَبَتَ الصَّوْمُ بِقَوْلِ عَدْلٍ ثَبَتَتْ بَقِيَّةُ الْأَحْكَامِ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، جَزَمَ بِهِ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ فِي مَسْأَلَةِ الْغَيْمِ، وَقَطَعَ بِهِ فِي الْقَاعِدَةِ الثَّالِثَةِ وَالثَّلَاثِينَ بَعْدَ الْمِائَتَيْنِ، وَقَالَ: صَرَّحَ بِهِ ابْنُ عَقِيلٍ فِي عُمَدِ الْأَدِلَّةِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَقَالَ الْقَاضِي فِي مَسْأَلَةِ الْغَيْمِ مُفَرِّقًا بَيْنَ الصَّوْمِ وَبَيْنَ غَيْرِهِ: وَقَدْ يُثْبِتُ الصَّوْمَ مَا لَا يُثْبِتُ الطَّلَاقَ وَالْعِتْقَ وَيُحِلُّ الدَّيْنَ، وَهُوَ شَهَادَةُ عَدْلٍ، وَيَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى: إذَا عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِالْحَمْلِ، فَشَهِدَ بِهِ امْرَأَةٌ قَوْلُهُ (وَلَا يُقْبَلُ فِي سَائِرِ الشُّهُورِ إلَّا عَدْلَانِ) ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ، وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ. وَحَكَاهُ التِّرْمِذِيُّ إجْمَاعًا وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَعَنْهُ يُقْبَلُ فِي هِلَالِ شَوَّالٍ عَدْلٌ وَاحِدٌ بِمَوْضِعٍ لَيْسَ فِيهِ غَيْرِهِ، فَعَلَى الْمَذْهَبِ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: قَبُولُهُ بِشَهَادَةِ عَدْلَيْنِ يُحْتَمَلُ عِنْدَ الْحَاكِمِ، وَيُحْتَمَلُ مُطْلَقًا. وَبِهِ قَطَعَ أَبُو مُحَمَّدٍ، فَجَوَّزَ الْفِطْرَ بِقَوْلِهِمَا لِمَنْ يَعْرِفُ حَالَهُمَا، وَلَوْ رَدَّهُمَا الْحَاكِمُ لِجَهْلِهِ بِهِمَا، وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْفِطْرُ. انْتَهَى.
قَوْلُهُ (وَإِذَا صَامُوا بِشَهَادَةِ اثْنَيْنِ ثَلَاثِينَ يَوْمًا، فَلَمْ يَرَوْا الْهِلَالَ أَفْطَرُوا) ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ، وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْهُمْ، وَقِيلَ: لَا يُفْطِرُونَ مَعَ الصَّحْوِ، وَصَحَّحَهُ فِي الْحَاوِيَيْنِ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: اخْتَارَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ، وَأَبُو مُحَمَّدِ بْنِ الْجَوْزِيِّ؛ لِأَنَّ عَدَمَ الْهِلَالِ يَقِينٌ، فَيُقَدَّمُ عَلَى الظَّنِّ، وَهُوَ الشَّهَادَةُ. انْتَهَى.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute