وَيَأْتِي آخِرَ بَابِ مَا يُفْسِدُ الصَّوْمَ: إذَا عَجَزَ عَنْ كَفَّارَةِ الْوَطْءِ وَغَيْرِهِ.
فَائِدَتَانِ. إحْدَاهُمَا: لَوْ أَطْعَمَ الْعَاجِزُ عَنْ الصَّوْمِ: لِكِبَرٍ، أَوْ مَرَضٍ لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ، ثُمَّ قَدَرَ عَلَى الْقَضَاءِ. فَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الْمَعْضُوبِ فِي الْحَجِّ إذَا حُجَّ عَنْهُ ثُمَّ عُوفِيَ، عَلَى مَا يَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي كِتَابِ الْحَجِّ، جَزَمَ بِهِ الْمَجْدُ وَغَيْرُهُ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ، وَذَكَرَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ احْتِمَالَيْنِ. أَحَدُهُمَا: هَذَا، وَالثَّانِي: يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ بِنَفْسِهِ. الثَّانِيَةُ: الْمُرَادُ بِالْإِطْعَامِ هُنَا: مَا يُجْزِئُ فِي الْكَفَّارَةِ. قَالَهُ الْأَصْحَابُ.
تَنْبِيهٌ: ظَاهِرُ قَوْلِهِ " أَفْطَرَ وَأَطْعَمَ عَنْ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا " أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ الصَّوْمُ عَنْهُمَا، وَهُوَ صَحِيحٌ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ، وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: لَوْ تَبَرَّعَ إنْسَانٌ بِالصَّوْمِ عَمَّنْ لَا يُطِيقُهُ لِكِبَرٍ وَنَحْوِهِ، أَوْ عَنْ مَيِّتٍ، وَهُمَا مُعْسِرَانِ: تَوَجَّهَ جَوَازُهُ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى الْمُمَاثَلَةِ مِنْ الْمَالِ، وَحَكَى الْقَاضِي فِي صَوْمِ النَّذْرِ فِي حَيَاةِ النَّاذِرِ نَحْوَ ذَلِكَ.
قَوْلُهُ (وَالْمَرِيضُ إذَا خَافَ الضَّرَرَ وَالْمُسَافِرُ: اُسْتُحِبَّ لَهُمَا الْفِطْرُ) أَمَّا الْمَرِيضُ إذَا خَافَ زِيَادَةَ مَرَضِهِ، أَوْ طُولَهُ، أَوْ كَانَ صَحِيحًا، ثُمَّ مَرِضَ فِي يَوْمِهِ، أَوْ خَافَ مَرَضًا لِأَجْلِ الْعَطَشِ أَوْ غَيْرِهِ: فَإِنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُ الْفِطْرُ، وَيُكْرَهُ صَوْمُهُ وَإِتْمَامُهُ إجْمَاعًا.
فَوَائِدُ. إحْدَاهَا: مَنْ لَمْ يُمْكِنْهُ التَّدَاوِي فِي مَرَضِهِ وَتَرْكُهُ يَضُرُّ بِهِ، فَلَهُ التَّدَاوِي. نَقَلَهُ حَنْبَلٌ فِيمَنْ بِهِ رَمَدٌ يَخَافُ الضَّرَرَ بِتَرْكِ الِاكْتِحَالِ لِتَضَرُّرِهِ [بِالصَّوْمِ] كَتَضَرُّرِهِ بِمُجَرَّدِ الصَّوْمِ
الثَّانِيَةُ: مَفْهُومُ قَوْلِهِ " وَالْمَرِيضُ إذَا خَافَ الضَّرَرَ " أَنَّهُ إذَا لَمْ يَخَفْ الضَّرَرَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute