قَالَ الْأَصْحَابُ: هَذَا إذَا لَمْ تَنْدَفِعْ شَهْوَتُهُ بِدُونِهِ. فَإِنْ انْدَفَعَتْ شَهْوَتُهُ بِدُونِ الْجِمَاعِ لَمْ يَجُزْ لَهُ الْجِمَاعُ. كَذَا إنْ أَمْكَنَهُ أَنْ لَا يُفْسِدَ صَوْمَ زَوْجَتِهِ لَمْ يَجُزْ، وَإِلَّا جَازَ لِلضَّرُورَةِ، فَإِذَا تَضَرَّرَ بِذَلِكَ، وَعِنْدَهُ امْرَأَةٌ حَائِضٌ وَصَائِمَةٌ، فَقِيلَ: وَطْءُ الصَّائِمَةِ أَوْلَى، لِتَحْرِيمِ الْحَائِضِ بِالْكِتَابِ، وَلِتَحْرِيمِهَا مُطْلَقًا. صَحَّحَهُ الْعَلَّامَةُ ابْنُ رَجَبٍ فِي الْقَاعِدَةِ الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ بَعْدَ الْمِائَةِ [وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ] ، وَقِيلَ: يَتَخَيَّرُ لِإِفْسَادِ صَوْمِهَا، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ [وَهُمَا احْتِمَالَانِ بِوَجْهَيْنِ مُطْلَقَيْنِ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ] .
السَّابِعَةُ: لَوْ تَعَذَّرَ قَضَاؤُهُ لِدَوَامِ شَبَقِهِ: فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْعَاجِزِ عَنْ الصَّوْمِ لِكِبَرٍ أَوْ مَرَضٍ لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ قَرِيبًا. ذَكَرَهُ فِي الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ.
الثَّامِنَةُ: حُكْمُ الْمَرَضِ الَّذِي يَنْتَفِعُ فِيهِ بِالْجِمَاعِ: حُكْمُ مَنْ يَخَافُ مِنْ تَشَقُّقِ أُنْثَيَيْهِ قَوْلُهُ (وَالْمُسَافِرُ يُسْتَحَبُّ لَهُ الْفِطْرُ) ، وَهَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ، وَنَصَّ عَلَيْهِ، وَهُوَ مِنْ الْمُفْرَدَاتِ. سَوَاءٌ وَجَدَ مَشَقَّةً أَمْ لَا، وَفِيهِ وَجْهٌ: أَنَّ الصَّوْمَ أَفْضَلُ. ذَكَرَهُ فِي الْقَاعِدَةِ الثَّانِيَةِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ.
فَوَائِدُ. إحْدَاهَا: الْمُسَافِرُ هُنَا: هُوَ الَّذِي يُبَاحُ لَهُ الْقَصْرُ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: يُبَاحُ لَهُ الْفِطْرُ، وَلَوْ كَانَ السَّفَرُ قَصِيرًا. الثَّانِيَةُ: لَوْ صَامَ فِي السَّفَرِ أَجْزَأَهُ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، كَمَا قَطَعَ بِهِ الْمُصَنِّفُ هُنَا، وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ، وَنَقْلُ حَنْبَلٍ: لَا يُعْجِبُنِي. وَاحْتَجَّ حَنْبَلٌ بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ «لَيْسَ مِنْ الْبِرِّ الصَّوْمُ فِي السَّفَرِ» قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَالسُّنَّةُ الصَّحِيحَةُ تَرُدُّ هَذَا الْقَوْلَ، وَرِوَايَةُ حَنْبَلٍ تَحْتَمِلُ عَدَمَ الْإِجْزَاءِ، وَيُؤَيِّدُهُ تَفَرُّدُ حَنْبَلٍ، وَحَمْلُهَا عَلَى رِوَايَةِ الْجَمَاعَةِ أَوْلَى.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute