فَعَلَى الْمَذْهَبِ: لَوْ صَامَ فِيهِ كُرِهَ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَحَكَاهُ الْمَجْدُ عَنْ الْأَصْحَابِ. قَالَ: وَعِنْدِي لَا يُكْرَهُ إذَا قَوِيَ عَلَيْهِ، وَاخْتَارَهُ الْآجُرِّيُّ، وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ عَقِيلٍ فِي مُفْرَدَاتِهِ وَغَيْرِهِ: لَا يُكْرَهُ. بَلْ تَرْكُهُ أَفْضَلُ. قَالَ: وَلَيْسَ الصَّوْمُ أَفْضَلَ، وَهُوَ مِنْ الْمُفْرَدَاتِ، وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رُخْصَةِ الْقَصْرِ: أَنَّهَا مُجْمَعٌ عَلَيْهَا. تَبْرَأُ بِهَا الذِّمَّةُ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَرُدَّ بِصَوْمِ الْمَرِيضِ، وَبِتَأْخِيرِ الْمَغْرِبِ لَيْلَةَ الْمُزْدَلِفَةِ.
الثَّالِثَةُ: لَوْ سَافَرَ لِيُفْطِرَ حَرُمَ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ (وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَصُومَا فِي رَمَضَانَ عَنْ غَيْرِهِ) . يَعْنِي الْمُسَافِرَ وَالْمَرِيضَ. أَمَّا الْمَرِيضُ: فَلَا نِزَاعَ فِي عَدَمِ الْجَوَازِ، وَأَمَّا الْمُسَافِرُ: فَالْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ مُطْلَقًا، وَقِيلَ: لِلْمُسَافِرِ صَوْمُ النَّفْلِ فِيهِ. قَالَ فِي الرِّعَايَةِ: وَهُوَ غَرِيبٌ بَعِيدٌ، فَعَلَى الْمَذْهَبِ: لَوْ خَالَفَ وَصَامَ عَنْ غَيْرِهِ، فَهَلْ يَقَعُ بَاطِلًا، أَوْ يَقَعُ مَا نَوَاهُ؟ قَالَ فِي الْفُرُوعِ: هِيَ مَسْأَلَةُ تَعْيِينِ النِّيَّةِ. يَعْنِي الْآتِيَةَ فِي أَوَّلِ الْفَصْلِ مِنْ هَذَا الْبَابِ وَعَلَى الْمَذْهَبِ: أَيْضًا لَوْ قَلَبَ صَوْمَ رَمَضَانَ إلَى نَفْلٍ، لَمْ يَصِحَّ لَهُ النَّفَلُ، وَيَبْطُلُ فَرْضُهُ إلَّا عَلَى رِوَايَةِ عَدَمِ التَّعْيِينِ.
فَائِدَةٌ: لَوْ قَدِمَ مِنْ سَفَرِهِ فِي أَثْنَاءِ النَّهَارِ، وَكَانَ لَمْ يَأْكُلْ: فَهَلْ يَنْعَقِدُ صَوْمُهُ نَفْلًا؟ قَالَ الْقَاضِي: لَا يَنْعَقِدُ نَفْلًا. ذَكَرَهُ عَنْهُ فِي الْفُصُولِ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ (وَمَنْ نَوَى الصَّوْمَ فِي سَفَرِهِ فَلَهُ الْفِطْرُ) . هَذَا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا، وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ، وَعَنْهُ لَا يَجُوزُ لَهُ الْفِطْرُ بِالْجِمَاعِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقْوَى عَلَى السَّفَرِ، فَعَلَى الْأَوَّلِ، قَالَ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ: لِأَنَّ مَنْ لَهُ الْأَكْلُ لَهُ الْجِمَاعُ، كَمَنْ لَمْ يَنْوِ، وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْأَصْحَابِ مِنْهُمْ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ أَنَّهُ يُفْطِرُ بِنِيَّةِ الْفِطْرِ، فَيَقَعُ الْجِمَاعُ بَعْدَ الْفِطْرِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute