فَعَلَى هَذَا: لَا كَفَّارَةَ بِالْجِمَاعِ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي، وَأَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. قَالَهُ الْمَجْدُ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ رِوَايَةً: أَنَّهُ يُكَفِّرُ. وَجَزَمَ بِهِ عَلَى هَذَا. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَهُوَ أَظْهَرُ. انْتَهَى. وَعَلَى الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ: إنْ جَامَعَ كَفَّرَ. عَلَى الصَّحِيحِ عَلَيْهَا. وَعَنْهُ لَا يُكَفِّرُ؛ لِأَنَّ الدَّلِيلَ يَقْتَضِي جَوَازَهُ، فَلَا أَقَلَّ مِنْ الْعَمَلِ بِهِ فِي إسْقَاطِ الْكَفَّارَةِ. لَكِنْ لَهُ الْجِمَاعُ بَعْدَ فِطْرِهِ بِغَيْرِهِ، كَفِطْرِهِ بِسَبَبٍ مُبَاحٍ. وَيَأْتِي ذَلِكَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي آخِرِ بَابِ مَا يُفْسِدُ الصَّوْمَ، وَهُوَ قَوْلُهُ " وَإِنْ نَوَى الصَّوْمَ فِي سَفَرِهِ، ثُمَّ جَامَعَ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ ".
فَائِدَةٌ: الْمَرِيضُ الَّذِي يُبَاحُ لَهُ الْفِطْرُ: حُكْمُهُ حُكْمُ الْمُسَافِرِ فِيمَا تَقَدَّمَ. قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَالْمَجْدُ وَغَيْرُهُمَا، وَجَعَلَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ، وَابْنُ شِهَابٍ فِي كُتُبِ الْخِلَافِ: أَصْلًا لِلْكَفَّارَةِ عَلَى الْمُسَافِرِ، بِجَامِعِ الْإِبَاحَةِ، وَجَزَمَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْأَصْحَابِ بِالْإِبَاحَةِ عَلَى النَّفْلِ وَنَقَلَ مُهَنَّا فِي الْمَرِيضِ: يُفْطِرُ بِأَكْلٍ. فَقُلْت: يُجَامِعُ؟ قَالَ: لَا أَدْرِي، فَأَعَدْت عَلَيْهِ، فَحَوَّلَ وَجْهَهُ عَنِّي.
قَوْلُهُ (وَإِنْ نَوَى الْحَاضِرُ صَوْمَ يَوْمٍ، ثُمَّ سَافَرَ فِي أَثْنَائِهِ، فَلَهُ الْفِطْرُ) هَذَا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا، وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ، سَوَاءٌ كَانَ طَوْعًا أَوْ كَرْهًا، وَهُوَ مِنْ مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ، وَلَكِنْ لَا يُفْطِرُ قَبْلَ خُرُوجِهِ. وَعَنْهُ لَا يَجُوزُ لَهُ الْفِطْرُ مُطْلَقًا، وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ: إنْ نَوَى السَّفَرَ مِنْ اللَّيْلِ. ثُمَّ سَافَرَ فِي أَثْنَاءِ النَّهَارِ: أَفْطَرَ، وَإِنْ نَوَى السَّفَرَ فِي النَّهَارِ، وَسَافَرَ فِيهِ، فَلَا يُعْجِبُنِي أَنْ يُفْطِرَ فِيهِ، وَالْفَرْقُ: أَنَّ نِيَّةَ السَّفَرِ مِنْ اللَّيْلِ تَمْنَعُ الْوُجُوبَ إذَا وُجِدَ السَّفَرُ فِي النَّهَارِ، فَيَكُونُ الصِّيَامُ قَبْلَهُ مُرَاعًى. بِخِلَافِ مَا إذَا طَرَأَتْ النِّيَّةُ وَالسَّفَرُ فِي أَثْنَاءِ النَّهَارِ قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ: وَعَنْهُ لَا يَجُوزُ لَهُ الْفِطْرُ بِجِمَاعٍ، وَيَجُوزُ بِغَيْرِهِ، فَعَلَى الْمَنْعِ: وَلَوْ وَطِئَ وَجَبَتْ الْكَفَّارَةُ عَلَى الصَّحِيحِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute