أَوْ عَلَى نَفْسِهَا. قَالَهُ الْأَصْحَابُ، وَذَكَرَ فِي الرِّعَايَةِ قَوْلًا: أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهَا الْفِطْرُ إذَا خَافَتْ عَلَى رَضِيعِهَا. وَحَكَاهُ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُنُونِ عَنْ قَوْمٍ. قُلْت: لَوْ قِيلَ: إنَّ مَحَلَّ مَا ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ: إذَا كَانَتْ مُحْتَاجَةً إلَى رَضَاعِهِ، أَوْ هُوَ مُحْتَاجٌ إلَى رَضَاعِهَا، فَأَمَّا إذَا كَانَتْ مُسْتَغْنِيَةً عَنْ إرْضَاعِهِ، أَوْ هُوَ مُسْتَغْنٍ عَنْ إرْضَاعِهَا: لَمْ يَجُزْ لَهَا الْفِطْرُ.
الثَّالِثَةُ: يَجِبُ الْإِطْعَامُ عَلَى مَنْ يَمُونُ الْوَلَدَ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، قَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُنُونِ: يَحْتَمِلُ أَنَّهُ عَلَى الْأُمِّ، وَهُوَ أَشْبَهُ؛ لِأَنَّهُ تَبَعٌ لَهَا، وَلِهَذَا وَجَبَتْ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ مِنْ قَرِيبٍ، أَوْ مِنْ مَالِهِ؛ لِأَنَّ الْإِرْفَاقَ لَهُمَا، وَكَذَلِكَ الظِّئْرُ، فَلَوْ لَمْ تُفْطِرْ الظِّئْرُ فَتَغَيَّرَ لَبَنُهَا أَوْ نَقَصَ: خُيِّرَ الْمُسْتَأْجِرُ، فَإِنْ قَصَدَتْ الْإِضْرَارَ أَثِمَتْ، وَكَانَ لِلْحَاكِمِ إلْزَامُهَا الْفِطْرَ بِطَلَبِ الْمُسْتَأْجِرِ. ذَكَرَهُ ابْنُ الزَّاغُونِيِّ، وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: إنْ تَأَذَّى الصَّبِيُّ بِنَقْصِهِ أَوْ تَغَيُّرِهِ: لَزِمَهَا الْفِطْرُ، فَإِنْ أَبَتْ فَلَهُ الْفَسْخُ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: فَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا: أَنَّهُ يَلْزَمُ الْحَاكِمَ إلْزَامُهَا بِمَا يَلْزَمُهَا، وَإِنْ لَمْ تَقْصِدْ بِهِ الضَّرَرَ بِلَا طَلَبٍ قَبْلَ الْفَسْخِ. قَالَ: وَهَذَا مُتَّجَهٌ.
الرَّابِعَةُ: يَجُوزُ صَرْفُ الْإِطْعَامِ إلَى مِسْكِينٍ وَاحِدٍ جُمْلَةً وَاحِدَةً. بِلَا نِزَاعٍ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ: إخْرَاجُ الْإِطْعَامِ عَلَى الْفَوْرِ لِوُجُوبِهِ. قَالَ: وَهَذَا أَقْيَسُ. انْتَهَى. قُلْت: قَدْ تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ بَابِ إخْرَاجِ الزَّكَاةِ: أَنَّ الْمَنْصُوصَ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ لُزُومُ إخْرَاجِ النَّذْرِ الْمُطْلَقِ وَالْكَفَّارَةِ عَلَى الْفَوْرِ، وَهَذَا كَفَّارَةٌ. وَقَالَ الْمَجْدُ: إنْ أَتَى بِهِ مَعَ الْقَضَاءِ: جَازَ؛ لِأَنَّهُ كَالتَّكْمِلَةِ لَهُ.
الْخَامِسَةُ: لَا يَسْقُطُ الْإِطْعَامُ بِالْعَجْزِ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَهُوَ ظَاهِرُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute