بِمَشِيئَةِ اللَّهِ وَتَوْفِيقِهِ وَتَيْسِيرِهِ. كَمَا لَا يَفْسُدُ الْإِيمَانُ بِقَوْلِهِ: أَنَا مُؤْمِنٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى غَيْرَ مُتَرَدِّدٍ فِي الْحَالِ. ثُمَّ قَالَ الْقَاضِي: وَكَذَا نَقُولُ فِي سَائِرِ الْعِبَادَاتِ: لَا تَفْسُدُ بِذِكْرِ الْمَشِيئَةِ فِي نِيَّتِهَا.
وَمِنْهَا: لَوْ خَطَرَ بِقَلْبِهِ لَيْلًا: أَنَّهُ صَائِمٌ غَدًا فَقَدْ نَوَى. قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَمَعْنَاهُ لِغَيْرِهِ الْأَكْلُ وَالشُّرْبُ بِنِيَّةِ الصَّوْمِ نِيَّةٌ عِنْدَنَا، وَكَذَا قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: هُوَ حِينَ يَتَعَشَّى يَتَعَشَّى عَشَاءَ مَنْ يُرِيدُ الصَّوْمَ، وَلِهَذَا يُفَرَّقُ بَيْنَ عَشَاءِ لَيْلَةِ الْعِيدِ وَعَشَاءِ لَيَالِي رَمَضَانَ.
قَوْلُهُ (وَمَنْ نَوَى الْإِفْطَارَ: أَفْطَرَ) . هَذَا الْمَذْهَبُ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَزَادَ فِي رِوَايَةٍ: يُكَفِّرُ إنْ تَعَمَّدَهُ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ، وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: لَا يَبْطُلُ صَوْمُهُ.
تَنْبِيهٌ: مَعْنَى قَوْلِهِ " مَنْ نَوَى الْإِفْطَارَ أَفْطَرَ " أَيْ صَارَ كَمَنْ لَمْ يَنْوِ، لَا كَمَنْ أَكَلَ فَلَوْ كَانَ فِي نَفْلٍ ثُمَّ عَادَ وَنَوَاهُ جَازَ، نَصَّ عَلَيْهِ. كَذَا لَوْ كَانَ عَنْ نَذْرٍ أَوْ كَفَّارَةٍ أَوْ قَضَاءٍ، فَقَطَعَ نِيَّتَهُ، ثُمَّ نَوَى نَفْلًا جَازَ، وَلَوْ قَلَبَ نِيَّةَ نَذْرٍ وَقَضَاءٍ إلَى النَّفْلِ، كَانَ حُكْمُهُ حُكْمَ مَنْ انْتَقَلَ مِنْ فَرْضِ صَلَاةٍ إلَى نَفْلِهَا، عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي بَابِ نِيَّةِ الصَّلَاةِ، وَعَلَى الْمَذْهَبِ: لَوْ تَرَدَّدَ فِي الْفِطْرِ، أَوْ نَوَى: أَنَّهُ سَيُفْطِرُ سَاعَةً أُخْرَى، أَوْ قَالَ: إنْ وَجَدْت طَعَامًا أَكَلْت وَإِلَّا أَتْمَمْت: فَكَالْخِلَافِ فِي الصَّلَاةِ. قِيلَ يَبْطُلُ. لِأَنَّهُ لَمْ يَجْزِمْ النِّيَّةَ. نَقَلَ الْأَثْرَمُ لَا يُجْزِئُهُ عَنْ الْوَاجِبِ، حَتَّى يَكُونَ عَازِمًا عَلَى الصَّوْمِ يَوْمَهُ كُلَّهُ. قُلْت: وَهَذَا الصَّوَابُ، وَقِيلَ: لَا يَبْطُلُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَجْزِمْ نِيَّةَ الْفِطْرِ، وَالنِّيَّةُ لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهَا، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ، وَالزَّرْكَشِيُّ.
قَوْلُهُ (وَيَصِحُّ صَوْمُ النَّفْلِ بِنِيَّةٍ مِنْ النَّهَارِ، قَبْلَ الزَّوَالِ وَبَعْدَهُ) هَذَا الْمَذْهَبُ، نَصَّ عَلَيْهِ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ، مِنْهُمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute