قَوْلُهُ (عَامِدًا ذَاكِرًا لِصَوْمِهِ: فَسَدَ صَوْمُهُ، وَإِنْ فَعَلَهُ نَاسِيًا أَوْ مُكْرَهًا: لَمْ يَفْسُدْ) . يَعْنِي: أَنَّهُ إذَا فَعَلَ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ عَامِدًا، ذَاكِرًا لِصَوْمِهِ مُخْتَارًا: يَفْسُدُ صَوْمُهُ وَإِنْ فَعَلَهُ نَاسِيًا أَوْ مُكْرَهًا، سَوَاءٌ أُكْرِهَ عَلَى الْفِطْرِ حَتَّى فَعَلَهُ، أَوْ فُعِلَ بِهِ: لَمْ يَفْسُدْ صَوْمُهُ وَهَذَا الْمَذْهَبُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ، وَنَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ، وَنَقَلَهُ الْفَضْلُ فِي الْحِجَامَةِ وَذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ فِي مُقَدِّمَاتِ الْجِمَاعِ، وَذَكَرَهُ الْخِرَقِيُّ فِي الْإِمْنَاءِ بِقُبْلَةٍ، أَوْ تَكْرَارِ نَظَرٍ، وَقَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ: الْمُسَاحَقَةُ كَالْوَطْءِ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ، وَكَذَا مَنْ اسْتَمْنَى فَأَنْزَلَ الْمَنِيَّ، وَذَكَرَ أَبُو الْخَطَّابِ: أَنَّهُ كَالْأَكْلِ فِي النِّسْيَانِ، وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: مَنْ فَعَلَ بَعْضَ ذَلِكَ جَاهِلًا، أَوْ مُكْرَهًا: فَلَا قَضَاءَ فِي الْأَصَحِّ، وَعَنْهُ وَيُفْطِرُ بِالْحِجَامَةِ نَاسٍ، اخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ فِي التَّذْكِرَةِ لِظَاهِرِ الْخَبَرِ، وَاخْتَارَ ابْنُ عَقِيلٍ أَيْضًا: الْفِطْرَ بِالِاسْتِمْنَاءِ نَاسِيًا، وَقِيلَ: يُفْطِرُ بِاسْتِمْنَاءٍ قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَالْمُرَادُ مُقَدِّمَاتُ الْجِمَاعِ، وَذَكَرَ فِي الرِّعَايَةِ: الْفِطْرُ إنْ أَمْنَى بِغَيْرِ مُبَاشَرَةٍ مُطْلَقًا، وَقِيلَ: عَامِدًا. أَوْ أَمْذَى بِغَيْرِ الْمُبَاشَرَةِ عَامِدًا، وَقِيلَ: أَوْ سَاهِيًا، وَقَالَ فِي الْمُكْرَهِ: لَا قَضَاءَ فِي الْأَصَحِّ، وَقِيلَ: يُفْطِرُ إنْ فَعَلَ بِنَفْسِهِ كَالْمَرِيضِ. وَلَا يُفْطِرُ إنْ فَعَلَهُ غَيْرُهُ بِهِ، بِأَنْ صُبَّ فِي حَلْقِهِ مَاءٌ مُكْرَهًا، أَوْ نَائِمًا، أَوْ دَخَلَ فِي فِيهِ مَاءُ الْمَطَرِ.
فَوَائِدُ. إحْدَاهَا: لَوْ أُوجِرَ الْمُغْمَى عَلَيْهِ لِأَجْلِ عِلَاجِهِ لَمْ يُفْطِرْ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ وَقِيلَ: يُفْطِرُ. الثَّانِيَةُ: الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّ الْجَاهِلَ بِالتَّحْرِيمِ يُفْطِرُ بِفِعْلِ الْمُفْطِرَاتِ وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي الْحِجَامَةِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. قَالَ الْمَجْدُ: هُوَ قَوْلُ غَيْرِ أَبِي الْخَطَّابِ وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْمُحَرَّرِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: هُوَ اخْتِيَارُ الشَّيْخَيْنِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute