وَلَا يُقَالُ: إذَا قَدَّمْنَا لَفْظَةَ " مَنْذُورٌ " عَلَى الْحَجِّ وَالِاعْتِكَافِ، يَبْقَى الِاعْتِكَافُ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّا نَقُولُ: لَا يَكُونُ الِاعْتِكَافُ وَاجِبًا إلَّا بِالنَّذْرِ. قُلْت: وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عَلَى [صِفَةِ] مَا قَالَهُ مِنْ غَيْرِ تَغْيِيرٍ أَوْلَى، وَلَا يَرِدُ عَلَى الْمُصَنِّفِ شَيْءٌ مِمَّا ذَكَرَ؛ لِأَنَّ مُرَادَهُ هُنَا النِّيَابَةُ فِي الْمَنْذُورَاتِ لَا غَيْرُ، وَلِذَلِكَ ذَكَرَ الصَّلَاةَ الْمَنْذُورَةَ، وَالصَّوْمَ الْمَنْذُورَ، فَكَذَا الِاعْتِكَافُ وَالْحَجُّ، وَأَمَّا كَوْنُ الْحَجِّ إذَا كَانَ وَاجِبًا بِالشَّرْعِ يُفْعَلُ: فَهَذَا مُسَلَّمٌ وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِي كِتَابِ الْحَجِّ، فَقَالَ: وَمَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْحَجُّ فَتُوُفِّيَ قَبْلَهُ: أُخْرِجَ عَنْهُ مِنْ جَمِيعِ مَالِهِ حَجَّةٌ وَعُمْرَةٌ، وَهَذَا وَاضِحٌ، وَلِذَلِكَ ذَكَرَ غَالِبُ الْأَصْحَابِ مِثْلَ مَا قَالَ الْمُصَنِّفُ هُنَا، فَيَذْكُرُونَ الصَّوْمَ وَالْحَجَّ وَالِاعْتِكَافَ الْمَنْذُورَاتِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ كَانَتْ عَلَيْهِ صَلَاةٌ مَنْذُورَةٌ، فَعَلَى رِوَايَتَيْنِ) ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْهَادِي، وَالتَّلْخِيصِ، وَالْبُلْغَةِ، وَالْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، وَمُحَرَّرِهِ، وَالشَّارِحُ، وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ، وَالْفُرُوعِ، وَالْفَائِقِ، وَالزَّرْكَشِيُّ. إحْدَاهُمَا: يُفْعَلُ عَنْهُ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ، وَبِهِ جَزَمَ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْإِفَادَاتِ، وَالْوَجِيزِ، وَالْمُنَوِّرِ، وَالْمُنْتَخَبِ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ فِي الْعُمْدَةِ، وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي. قَالَ الْقَاضِي: اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَالْخِرَقِيُّ، وَهِيَ الصَّحِيحَةُ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَالْقَاضِي فِي التَّعْلِيقِ وَغَيْرُهُمَا، وَهُوَ مِنْ مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ، وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا يُفْعَلُ عَنْهُ. نَقَلَهَا الْجَمَاعَةُ عَنْ أَحْمَدَ. قَالَ ابْنُ مُنَجَّى فِي شَرْحِهِ: وَهِيَ أَصَحُّ. قَالَ فِي إدْرَاكِ الْغَايَةِ: لَا يُفْعَلُ فِي الْأَشْهَرِ. قَالَ فِي نَظْمِ النِّهَايَةِ: لَا يُفْعَلُ فِي الْأَظْهَرِ، فَعَلَى الْمَذْهَبِ: تَصِحُّ وَصِيَّتُهُ بِهَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute