الثَّالِثَةُ: يَجُوزُ أَنْ يَحُجَّ عَنْهُ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ. بِلَا نِزَاعٍ، وَبِغَيْرِ إذْنِهِ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَالْمَجْدُ. وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ وَقِيلَ: لَا يَصِحُّ بِغَيْرِ إذْنِهِ، اخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ فِي الِانْتِصَارِ. وَيَأْتِي ذَلِكَ فِي كِتَابِ الْحَجِّ، فَعَلَى الْمَذْهَبِ: لَهُ الرُّجُوعُ بِمَا أَنْفَقَ عَلَى التَّرِكَةِ. كَذَا لَوْ أَعْتَقَ عَنْهُ فِي نَذْرٍ أَوْ أَطْعَمَ عَنْهُ فِي كَفَّارَةٍ، إذَا قُلْنَا: يَصِحُّ، ذَكَرَهُ فِي الْقَاعِدَةِ الْخَامِسَةِ وَالسَّبْعِينَ فِي ضِمْنِ تَعْلِيلِ الْقَاضِي، وَأَمَّا إذَا مَاتَ وَعَلَيْهِ اعْتِكَافٌ مَنْذُورٌ، فَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّهُ يُفْعَلُ عَنْهُ. نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ، وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ، وَنَقَلَ ابْنُ إبْرَاهِيمَ وَغَيْرُهُ: يَنْبَغِي لِأَهْلِهِ أَنْ يَعْتَكِفُوا عَنْهُ، وَحَكَى فِي الرِّعَايَةِ قَوْلًا لَا يَصِحُّ أَنْ يَعْتَكِفَ عَنْهُ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: فَيَتَوَجَّهُ عَلَى هَذَا أَنْ يُخْرَجَ عَنْهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُطْعَمَ عَنْهُ لِكُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينٌ. انْتَهَى. فَعَلَى الْمَذْهَبِ: إنْ لَمْ يُمْكِنْهُ فِعْلُهُ حَتَّى مَاتَ، فَالْخِلَافُ السَّابِقُ كَالصَّوْمِ، وَقِيلَ: يَقْضِي. وَقِيلَ: لَا، فَعَلَيْهِ يَسْقُطُ إلَى غَيْرِ بَدَلٍ.
تَنْبِيهٌ: اعْلَمْ أَنَّ فِي نُسْخَةِ الْمُصَنِّفِ كَمَا حَكَيْته فِي الْمَتْنِ هَكَذَا " وَإِنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صَوْمٌ، أَوْ حَجٌّ، أَوْ اعْتِكَافٌ مَنْذُورٌ " فَلَفْظَةُ " مَنْذُورٌ " مُؤَخَّرَةٌ عَنْ الِاعْتِكَافِ، وَهَكَذَا فِي نُسَخٍ قُرِئَتْ عَلَى الْمُصَنِّفِ، فَغَيَّرَ ذَلِكَ بَعْضُ أَصْحَابِ الْمُصَنِّفِ الْمَأْذُونُ لَهُ بِالْإِصْلَاحِ، فَقَالَ " وَإِنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صَوْمٌ مَنْذُورٌ أَوْ حَجٌّ أَوْ اعْتِكَافٌ فَعَلَهُ عَنْهُ وَلِيُّهُ " لِأَنَّ تَأْخِيرَ لَفْظَةِ " مَنْذُورٌ " لَا يَخْلُو مِنْ حَالَيْنِ: إمَّا أَنْ يُعِيدَهُ إلَى الثَّلَاثَةِ، أَوْ إلَى الْأَخِيرِ، وَهُوَ الِاعْتِكَافُ، وَعَلَى كِلَيْهِمَا يَحْصُلُ فِي الْكَلَامِ خَلَلٌ؛ لِأَنَّهُ لَوْ عَادَ إلَى الِاعْتِكَافِ فَقَطْ بَقِيَ الصَّوْمُ مُطْلَقًا. وَالْوَلِيُّ لَا يَفْعَلُ الْوَاجِبَ بِالشَّرْعِ مِنْ الصَّوْمِ، وَإِنْ عَادَ إلَى الثَّلَاثَةِ، بَقِيَ الْحَجُّ مَشْرُوطًا بِكَوْنِهِ مَنْذُورًا، وَلَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْوَلِيَّ يَفْعَلُ الْحَجَّ الْوَاجِبَ بِالشَّرْعِ أَيْضًا، فَلِذَلِكَ غَيَّرَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute