وَاخْتَارَ الْمَجْدُ: أَنَّهُ يَقْضِي عَنْ الْمَيِّتِ مَا تَعَذَّرَ فِعْلُهُ بِالْمَرَضِ دُونَ الْمُتَعَذِّرِ بِالْمَوْتِ، وَقَالَ فِي الْقَاعِدَةِ التَّاسِعَةَ عَشْرَةَ: وَأَمَّا الْمَنْذُورَاتُ: فَفِي اشْتِرَاطِ التَّمَكُّنِ لَهَا مِنْ الْأَدَاءِ وَجْهَانِ، فَعَلَى الْقَوْلِ بِالْقَضَاءِ: هَلْ يَقْضِي الصَّائِمُ الْفَائِتَ بِالْمَرَضِ خَاصَّةً، أَوْ الْفَائِتَ بِالْمَرَضِ وَالْمَوْتِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ. الثَّانِي: هَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَ النَّذْرُ فِي الذِّمَّةِ، فَأَمَّا إنْ نَذَرَ صَوْمَ شَهْرٍ بِعَيْنِهِ فَمَاتَ قَبْلَ دُخُولِهِ: لَمْ يَصُمْ وَلَمْ يَقْضِ عَنْهُ. قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ: وَهَذَا مَذْهَبُ سَائِرِ الْأَئِمَّةِ، وَلَا أَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا. وَإِنْ مَاتَ فِي أَثْنَائِهِ سَقَطَ بَاقِيهِ، فَإِنْ لَمْ يَصُمْهُ لِمَرَضٍ حَتَّى انْقَضَى، ثُمَّ مَاتَ فِي مَرَضِهِ: فَعَلَى الْخِلَافِ السَّابِقِ فِيمَا إذَا كَانَ فِي الذِّمَّةِ هَذِهِ أَحْكَامُ مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صَوْمُ نَذْرٍ، وَأَمَّا مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ حَجٌّ مَنْذُورٌ، فَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّ وَلِيَّهُ يَفْعَلُهُ عَنْهُ، وَيَصِحُّ مِنْهُ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ، وَنَصَّ عَلَيْهِ الْإِمَامُ أَحْمَدُ، وَفِي الرِّعَايَةِ قَوْلُ لَا يَصِحُّ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: كَذَا قَالَ.
فَوَائِدُ. إحْدَاهَا: لَا يُعْتَبَرُ تَمَكُّنُهُ مِنْ الْحَجِّ فِي حَيَاتِهِ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، قَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَالْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، وَقَالَ: هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ. وَهُوَ أَصَحُّ، وَقَالَ الْقَاضِي فِي خِلَافِهِ فِي الْفَقِيرِ إذَا نَذَرَ الْحَجَّ، وَلَمْ يَمْلِكْ بَعْدَ النَّذْرِ زَادًا وَلَا رَاحِلَةً حَتَّى مَاتَ لَا يُقْضَى عَنْهُ، كَالْحَجِّ الْوَاجِبِ بِأَصْلِ الشَّرْعِ، قَالَ الْمَجْدُ: وَعَلَيْهِ قِيَاسُ كُلِّ صُورَةٍ مَاتَ قَبْلَ التَّمَكُّنِ، كَاَلَّذِي يَمُوتُ قَبْلَ مَجِيءِ الْوَقْتِ، أَوْ عِنْدَ خَوْفِ الطَّرِيقِ، قَالَ: وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ شَبِيهَةٌ بِمَسْأَلَةِ أَمْنِ الطَّرِيقِ وَسَعَةِ الْوَقْتِ: هَلْ هُوَ فِي حَجَّةِ الْفَرْضِ شَرْطٌ لِلْوُجُوبِ فِي الذِّمَّةِ، أَوْ لِلُزُومِ الْأَدَاءِ؟ . الثَّانِيَةُ: حُكْمُ الْعُمْرَةِ الْمَنْذُورَةِ حُكْمُ الْحَجِّ الْمَنْذُورِ إذَا مَاتَ وَهِيَ عَلَيْهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute