فَائِدَتَانِ. الْأُولَى: سُمِّيَ يَوْمَ عَرَفَةَ لِلْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ فِيهِ، وَقِيلَ: لِأَنَّ جِبْرِيلَ حَجَّ بِإِبْرَاهِيمَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -، فَلَمَّا أَتَى عَرَفَةَ، قَالَ: عَرَفْت؟ قَالَ: عَرَفْت. وَقِيلَ: لِتَعَارُفِ حَوَّاءَ وَآدَمَ بِهَا. الثَّانِيَةُ: ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، وَأَكْثَرُ الْأَصْحَابِ: أَنَّ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ فِي حَقِّ الْحَاجِّ لَيْسَ كَيَوْمِ عَرَفَةَ فِي عَدَمِ الصَّوْمِ، وَجَزَمَ فِي الرِّعَايَةِ بِمَا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ: أَنَّ الْأَفْضَلَ لِلْحَاجِّ الْفِطْرُ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ وَيَوْمَ عَرَفَةَ بِهِمَا. انْتَهَى، وَسُمِّيَ " يَوْمُ التَّرْوِيَةِ " لِأَنَّ عَرَفَةَ لَمْ يَكُنْ بِهَا مَاءٌ، وَكَانُوا يَرْتَوُونَ مِنْ الْمَاءِ إلَيْهَا، وَقِيلَ: لِأَنَّ إبْرَاهِيمَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - رَأَى لَيْلَةَ التَّرْوِيَةِ الْأَمْرَ بِذَبْحِ ابْنِهِ فَأَصْبَحَ يَتَرَوَّى: هَلْ هُوَ مِنْ اللَّهِ، أَوْ حُلْمٌ؟ فَلَمَّا رَآهُ اللَّيْلَةَ الثَّانِيَةَ عَرَفَ أَنَّهُ مِنْ اللَّهِ.
قَوْلُهُ (وَيُسْتَحَبُّ صَوْمُ عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ) . بِلَا نِزَاعٍ، وَأَفْضَلُهُ: يَوْمُ التَّاسِعِ، وَهُوَ يَوْمُ عَرَفَةَ. ثُمَّ يَوْمُ الثَّامِنِ، وَهُوَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ، وَهَذَا الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ، وَقَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْفَائِقِ: وَآكَدُ الْعَشْرِ: الثَّامِنُ، ثُمَّ التَّاسِعُ. قُلْت: وَهُوَ خَطَأٌ، وَقَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَلَا وَجْهَ لِقَوْلِ بَعْضِهِمْ: آكَدُهُ الثَّامِنُ ثُمَّ التَّاسِعُ، وَلَعَلَّهُ أَخَذَهُ مِنْ قَوْلِهِ فِي الْهِدَايَةِ: آكَدُهُ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ وَعَرَفَةَ.
قَوْلُهُ (وَأَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ شَهْرِ رَمَضَانَ شَهْرُ اللَّهِ الْمُحَرَّمُ) ، قَالَ عَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ «أَفْضَلُ الصَّلَاةِ، بَعْدَ الْمَكْتُوبَةِ: جَوْفُ اللَّيْلِ، وَأَفْضَلُ الصِّيَامِ، بَعْدَ شَهْرِ رَمَضَانَ: شَهْرُ اللَّهِ الْمُحَرَّمُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ، فَحَمَلَهُ صَاحِبُ الْفُرُوعِ عَلَى ظَاهِرِهِ، وَقَالَ: لَعَلَّهُ عَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ لَمْ يَلْتَزِمْ الصَّوْمَ فِيهِ لِعُذْرٍ، أَوْ لَمْ يَعْلَمْ فَضْلَهُ إلَّا أَخِيرًا. انْتَهَى. وَحَمَلَهُ ابْنُ رَجَبٍ فِي لَطَائِفِهِ عَلَى أَنَّ صِيَامَهُ أَفْضَلُ مِنْ التَّطَوُّعِ الْمُطْلَقِ بِالصِّيَامِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute