للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قُلْت: وَهَذَا ضَعِيفٌ مُخَالِفٌ لِلْحَدِيثِ، وَإِنَّمَا أُلْحِقَ بِفَضِيلَةِ رَمَضَانَ لِكَوْنِهِ حَرِيمَهُ، لَا لِكَوْنِ الْحَسَنَةِ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا؛ وَلِأَنَّ الصَّوْمَ فِيهِ يُسَاوِي رَمَضَانَ فِي فَضِيلَةِ الْوَاجِبِ. قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَيَتَوَجَّهُ تَحْصِيلُ فَضِيلَتِهَا لِمَنْ صَامَهَا، وَقَضَى رَمَضَانَ، وَقَدْ أَفْطَرَهُ لِعُذْرٍ. قَالَ: وَلَعَلَّهُ مُرَادُ الْأَصْحَابِ، وَمَا ظَاهِرُهُ خِلَافُهُ: خَرَجَ عَلَى الْغَالِبِ الْمُعْتَادِ. انْتَهَى. قُلْت: وَهُوَ حَسَنٌ.

الثَّانِيَةُ: قَوْلُهُ (وَصِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ كَفَّارَةُ سَنَةٍ، وَيَوْمُ عَرَفَةَ كَفَّارَةُ سَنَتَيْنِ) ، وَهَذَا بِلَا نِزَاعٍ. قَالَ ابْنُ هُبَيْرَةَ: أَمَّا كَوْنُ صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ بِسَنَتَيْنِ، فَفِيهِ وَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: لَمَّا كَانَ يَوْمُ عَرَفَةَ فِي شَهْرٍ حَرَامٍ بَيْنَ شَهْرَيْنِ حَرَامَيْنِ: كَفَّرَ سَنَةً قَبْلَهُ وَسَنَةً بَعْدَهُ، وَالثَّانِي: إنَّمَا كَانَ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ، وَقَدْ وُعِدَتْ فِي الْعَمَلِ بِأَجْرَيْنِ، وَإِنَّمَا كَفَّرَ عَاشُورَاءُ السَّنَةَ الْمَاضِيَةَ؛ لِأَنَّهُ تَبِعَهَا وَجَاءَ بَعْدَهَا، وَالتَّكْفِيرُ بِالصَّوْمِ إنَّمَا يَكُونُ لِمَا مَضَى لَا لِمَا يَأْتِي.

قَوْلُهُ (وَلَا يُسْتَحَبُّ لِمَنْ كَانَ بِعَرَفَةَ) هَذَا الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ، وَفِطْرُهُ أَفْضَلُ، وَاخْتَارَ الْآجُرِّيُّ: أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِمَنْ كَانَ بِعَرَفَةَ إلَّا لِمَنْ يُضَعِّفُهُ، وَحَكَى الْخَطَّابِيُّ عَنْ أَحْمَدَ مِثْلَهُ، وَقِيلَ: يُكْرَهُ صِيَامُهُ، اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ الْأَصْحَابِ، فَعَلَى الْمَذْهَبِ: يُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ إذَا عَدِمَ الْمُتَمَتِّعُ وَالْقَارِنُ الْهَدْيَ، فَإِنَّهُ يَصُومُ عَشَرَةَ أَيَّامٍ، ثَلَاثَةً فِي الْحَجِّ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ آخِرُهَا يَوْمَ عَرَفَةَ، عِنْدَ الْأَصْحَابِ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ عَنْ أَحْمَدَ. عَلَى مَا يَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي بَابِ الْفِدْيَةِ.

تَنْبِيهٌ: عَدَمُ اسْتِحْبَابِ صَوْمِهِ لِتَقَوِّيهِ عَلَى الدُّعَاءِ. قَالَهُ الْخِرَقِيُّ، وَغَيْرُهُ، وَعَنْ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ: لِأَنَّهُ يَوْمُ عِيدٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>