وَنَقَلَ الْأَثْرَمُ فِي أُمِّ امْرَأَتِهِ: يَكُونُ مَحْرَمًا لَهَا فِي حَجِّ الْفَرْضِ فَقَطْ، وَهُوَ مِنْ الْمُفْرَدَاتِ. قَالَ الْأَثْرَمُ: كَأَنَّهُ ذَهَبَ إلَى أَنَّهَا لَمْ تُذْكَرْ فِي قَوْله تَعَالَى {وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ} [النور: ٣١] الْآيَةَ، وَعَنْهُ الْوَقْفُ فِي نَظَرِ شَعْرِهَا، وَشَعْرِ الرَّبِيبَةِ؛ لِعَدَمِ ذِكْرِهِمَا فِي الْآيَةِ، وَهِيَ أَيْضًا مِنْ الْمُفْرَدَاتِ.
الثَّانِي: قَوْلُهُ (نَسَبٍ أَوْ سَبَبٍ مُبَاحٍ) يُحْتَرَزُ مِنْهُ عَنْ السَّبَبِ غَيْرِ الْمُبَاحِ. كَالْوَطْءِ بِشُبْهَةٍ أَوْ زِنًا، فَلَيْسَ بِمَحْرَمٍ لِأُمِّ الْمَوْطُوءَةِ وَابْنَتِهَا؛ لِأَنَّ السَّبَبَ غَيْرُ مُبَاحٍ، قَالَ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ: كَالتَّحْرِيمِ بِاللِّعَانِ وَأَوْلَى، وَعَنْهُ بَلَى. يَكُونُ مَحْرَمًا، وَهُوَ قَوْلٌ فِي شَرْحِ الزَّرْكَشِيّ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْحَاوِي الْكَبِيرِ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُصُولِ فِي وَطْءِ الشُّبْهَةِ لَا الزِّنَا. وَهُوَ ظَاهِرُ مَا فِي التَّلْخِيصِ، فَإِنَّهُ قَالَ: بِسَبَبٍ غَيْرِ مُحَرَّمٍ، وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وَذَكَرَهُ قَوْلُ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ؛ لِثُبُوتِ جَمِيعِ الْأَحْكَامِ، فَيَدْخُلُ فِي الْآيَةِ، بِخِلَافِ الزِّنَا.
الثَّالِثُ: قَالَ فِي الْفُرُوعِ: الْمُرَادُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالشُّبْهَةِ مَا جَزَمَ بِهِ جَمَاعَةٌ: أَنَّهُ الْوَطْءُ الْحَرَامُ مَعَ الشُّبْهَةِ، كَالْجَارِيَةِ الْمُشْتَرَكَةِ وَنَحْوِهَا. لَكِنْ ذَكَرَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَأَبُو الْخَطَّابِ فِي الِانْتِصَارِ، فِي مَسْأَلَةِ تَحْرِيمِ الْمُصَاهَرَةِ: أَنَّ الْوَطْءَ فِي نِكَاحٍ فَاسِدٍ كَالْوَطْءِ بِشُبْهَةٍ.
الرَّابِعُ " ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا وَجَمَاعَةٍ: أَنَّ الْمُلَاعِنَ يَكُونُ مَحْرَمًا لِلْمُلَاعَنَةِ؛ لِأَنَّهَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ عَلَى التَّأْبِيدِ بِسَبَبٍ مُبَاحٍ. وَلَا أَعْلَمُ بِهِ قَائِلًا، فَلِهَذَا قَالَ الْأَدَمِيُّ الْبَغْدَادِيُّ، وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ: بِسَبَبٍ مُبَاحٍ لِحُرْمَتِهَا، وَهُوَ مُرَادُ مَنْ أَطْلَقَ.
الْخَامِسُ: قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَغَيْرُهُ: وَأَزْوَاجُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُمَّهَاتُ الْمُؤْمِنِينَ فِي التَّحْرِيمِ، دُونَ الْمَحْرَمِيَّةِ. انْتَهَى.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute