للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثُمَّ إنْ تَزَوَّجَتْ أَوْ اسْتَنَابَتْ مَنْ لَهَا مَحْرَمٌ، ثُمَّ فُقِدَ، فَهِيَ كَالْمَعْضُوبِ، وَقَالَ الْآجُرِّيُّ، وَأَبُو الْخَطَّابِ فِي الِانْتِصَارِ: إنْ لَمْ يَكُنْ مَحْرَمٌ سَقَطَ فَرْضُ الْحَجِّ بِبَدَنِهَا، وَوَجَبَ أَنْ يَحُجَّ عَنْهَا غَيْرُهَا. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الْإِيَاسِ. قَالَ فِي التَّبْصِرَةِ: إنْ لَمْ تَجِدْ مَحْرَمًا فَرِوَايَتَانِ؛ لِتَرَدُّدِ النَّظَرِ فِي حُصُولِ الْإِيَاسِ مِنْهُ.

قَوْلُهُ (وَلَا يَجُوزُ لِمَنْ لَمْ يَحُجَّ عَنْ نَفْسِهِ أَنْ يَحُجَّ عَنْ غَيْرِهِ وَلَا نَذْرَهُ وَلَا نَافِلَةً، فَإِنْ فَعَلَ انْصَرَفَ إلَى حَجَّةِ الْإِسْلَامِ) . اعْلَمْ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ حَجَّ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ، وَأَرَادَ الْحَجَّ: فَتَارَةً يُرِيدُ الْحَجَّ عَنْ غَيْرِهِ، وَتَارَةً يُرِيدُ الْحَجَّ عَنْ نَفْسِهِ غَيْرِ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ، فَإِنْ أَرَادَ الْحَجَّ عَنْ غَيْرِهِ: لَمْ يَجُزْ، فَإِنْ خَالَفَ وَفَعَلَ: انْصَرَفَ إلَى حَجَّةِ الْإِسْلَامِ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَسَوَاءٌ كَانَ حَجُّ الْغَيْرِ فَرْضًا أَوْ نَفْلًا أَوْ نَذْرًا، وَسَوَاءٌ كَانَ الْغَيْرُ حَيًّا أَوْ مَيِّتًا. هَذَا الْمَذْهَبُ. قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ، وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ.

قَالَ الْقَاضِي فِي الرِّوَايَتَيْنِ: لَمْ يَخْتَلِفْ أَصْحَابُنَا فِيهِ، وَقَالَ أَبُو حَفْصٍ الْعُكْبَرِيُّ: يَقَعُ عَنْ الْمَحْجُوجِ عَنْهُ. ثُمَّ يَقْلِبُهُ الْحَاجُّ عَنْ نَفْسِهِ.

نَقَلَ إسْمَاعِيلُ الشَّالَنْجِيُّ: لَا يُجْزِئُهُ. لِأَنَّهُ عَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامُ قَالَ لِمَنْ لَبَّى عَنْ غَيْرِهِ " اجْعَلْهَا عَنْ نَفْسِك "، وَعَنْهُ يَقَعُ بَاطِلًا. نَقَلَهُ الشَّالَنْجِيُّ، وَاخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَعَنْهُ يَجُوزُ عَنْ غَيْرِهِ، وَيَقَعُ عَنْهُ. قَالَ الْقَاضِي: وَهُوَ ظَاهِرٌ. نَقَلَ مُحَمَّدُ بْنُ مَاهَانَ: وَفِي الِانْتِصَارِ رِوَايَةٌ: يَقَعُ عَمَّا نَوَاهُ بِشَرْطِ عَجْزِهِ عَنْ حَجِّهِ لِنَفْسِهِ، فَعَلَى الْمَذْهَبِ: لَا يَنُوبُ مَنْ لَمْ يُسْقِطْ فَرْضَ نَفْسِهِ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَقَالَ فِي الْفُرُوعِ: يَتَوَجَّهُ مَا قِيلَ: يَنُوبُ فِي نَفْلٍ عَبْدٌ وَصَبِيٌّ، وَيَحْرُمُ

<<  <  ج: ص:  >  >>