مُعَيَّنًا، وَالْأَشْبَهُ: أَنَّهُ شَرْطٌ. كَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ بَعْضُ أَصْحَابِنَا. كَنِيَّةِ الْوُضُوءِ انْتَهَى.
الثَّانِي: ظَاهِرُ قَوْلِهِ (وَيُشْتَرَطُ) أَيْ يُسْتَحَبُّ (فَيَقُولُ: اللَّهُمَّ إنِّي أُرِيدُ النُّسُكَ الْفُلَانِيَّ إلَى آخِرِهِ) . أَنَّهُ يَقُولُ ذَلِكَ بِلِسَانِهِ، أَوْ بِمَا فِي مَعْنَاهُ، وَهُوَ صَحِيحٌ، فَلَا يَصِحُّ الِاشْتِرَاطُ بِقَلْبِهِ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ، وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْهُمْ، وَقِيلَ: يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ تَابِعٌ لِلْإِحْرَامِ، وَيَنْعَقِدُ بِالنِّيَّةِ. فَكَذَا الِاشْتِرَاطُ، وَهُمَا احْتِمَالَانِ مُطْلَقَانِ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالزَّرْكَشِيِّ. وَاسْتَحَبَّ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: الِاشْتِرَاطَ لِلْخَائِفِ فَقَطْ، وَنَقَلَ أَبُو دَاوُد: إنْ اُشْتُرِطَ فَلَا بَأْسَ.
فَائِدَةٌ: الِاشْتِرَاطُ يُفِيدُ شَيْئَيْنِ. أَحَدَهُمَا: إذَا عَاقَهُ عَدُوٌّ، أَوْ مَرَضٌ، أَوْ ذَهَابُ نَفَقَةٍ، أَوْ نَحْوُهُ: جَازَ لَهُ التَّحَلُّلُ. الثَّانِيَ: لَا شَيْءَ عَلَيْهِ بِالتَّحَلُّلِ، وَصَرَّحَ الْمُصَنِّفُ بِذَلِكَ فِي آخِرِ بَابِ الْفَوَاتِ وَالْإِحْصَارِ. لَكِنْ قَوْلُنَا " جَازَ لَهُ التَّحَلُّلُ " هُوَ الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ. مِنْهُمْ الْقَاضِي، وَأَبُو الْخَطَّابِ، وَالْمُصَنِّفُ، وَغَيْرُهُمْ، وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ: ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَصَاحِبِ التَّلْخِيصِ، وَأَبِي الْبَرَكَاتِ: أَنَّهُ يُحِلُّ بِمُجَرَّدِ الْحَصْرِ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ.
قَوْلُهُ (وَأَفْضَلُهَا: التَّمَتُّعُ، ثُمَّ الْإِفْرَادُ) هَذَا الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ، نَصَّ عَلَيْهِ مِرَارًا كَثِيرَةً، وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ قَالَ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ، وَصَالِحٍ: يَخْتَارُ التَّمَتُّعَ؛ لِأَنَّهُ آخِرُ مَا أَمَرَ بِهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ مِنْ مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ، وَعَنْهُ: إنْ سَاقَ الْهَدْيَ فَالْقِرَانُ أَفْضَلُ، ثُمَّ التَّمَتُّعُ. رَوَاهَا الْمَرُّوذِيُّ، وَاخْتَارَهَا الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وَقَالَ: هُوَ الْمَذْهَبُ، وَقَالَ: وَإِنْ اعْتَمَرَ وَحَجَّ فِي سَفْرَتَيْنِ، أَوْ اعْتَمَرَ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ، فَالْإِفْرَادُ أَفْضَلُ بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ، وَنَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى وَذَكَرَهُ الْقَاضِي فِي الْخِلَافِ، وَغَيْرِهِ، وَهِيَ أَفْضَلُ مِنْ الثَّانِيَةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute