للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَهَذَا الْمَذْهَبُ [مُطْلَقًا] وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ، وَقَطَعُوا بِهِ. وَقَالَ فِي الْمُنْتَخَبِ: لَا يَلْزَمُ ثَبَاتُ وَاحِدٍ لِاثْنَيْنِ عَلَى الِانْفِرَادِ. وَقَالَ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ، وَالنَّصِيحَةِ، وَالنِّهَايَةِ، وَالطَّرِيقِ الْأَقْرَبِ، وَالْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ: يَلْزَمُهُ الثَّبَاتُ. وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ مَنْ أَطْلَقَ. وَنَقَلَهُ الْأَثْرَمُ، وَأَبُو طَالِبٍ. وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: لَا يَخْلُو: إمَّا أَنْ يَكُونَ قِتَالُ دَفْعٍ أَوْ طَلَبٍ. فَالْأَوَّلُ: بِأَنْ يَكُونَ الْعَدُوُّ كَثِيرًا لَا يَطِيقُهُمْ الْمُسْلِمُونَ. وَيَخَافُونَ أَنَّهُمْ إنْ انْصَرَفُوا عَنْهُمْ عَطَفُوا عَلَى مَنْ تَخَلَّفَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ. فَهَهُنَا صَرَّحَ الْأَصْحَابُ بِوُجُوبِ بَذْلِ مُهَجِهِمْ فِي الدَّفْعِ حَتَّى يُسَلِّمُوا. وَمِثْلُهُ: لَوْ هَجَمَ عَدُوٌّ عَلَى بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُقَاتِلَةُ أَقَلُّ مِنْ النِّصْفِ، لَكِنْ إنْ انْصَرَفُوا اسْتَوْلَوْا عَلَى الْحَرِيمِ. وَالثَّانِي: لَا يَخْلُو: إمَّا أَنْ يَكُونَ بَعْدَ الْمُصَافَّةِ أَوْ قَبْلَهَا. فَقَبْلَهَا وَبَعْدَهَا حِينَ الشُّرُوعِ فِي الْقِتَالِ: لَا يَجُوزُ الْإِدْبَارُ مُطْلَقًا إلَّا لِتَحَرُّفٍ أَوْ تَحَيُّزٍ. انْتَهَى. يَعْنِي: وَلَوْ ظَنُّوا التَّلَفَ. [إذَا عَلِمْت ذَلِكَ] فَقَالَ الْأَصْحَابُ: التَّحَرُّفُ أَنْ يَنْحَازَ إلَى مَوْضِعٍ يَكُونُ الْقِتَالُ فِيهِ أَمْكَنَ، مِثْلَ أَنْ يَنْحَازَ مِنْ مُقَابَلَةِ الشَّمْسِ أَوْ الرِّيحِ، وَمِنْ نُزُولٍ إلَى عُلْوٍ، وَمِنْ مُعَطِّشَةٍ إلَى مَاءٍ، أَوْ يَفِرَّ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ لِيُنْقِضَ صُفُوفَهُمْ، أَوْ تَنْفِرَ خَيْلَهُمْ مِنْ رَجَّالَتِهِمْ، أَوْ لِيَجِدَ فِيهِمْ فُرْجَةً، أَوْ يَسْتَنِدَ إلَى جَبَلٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا جَرَتْ بِهِ عَادَةُ أَهْلِ الْحَرْبِ. وَقَالُوا فِي التَّحَيُّزِ إلَى فِئَةٍ: سَوَاءٌ كَانَتْ قَرِيبَةً أَوْ بَعِيدَةً.

قَوْلُهُ (فَإِنْ زَادَ الْكُفَّارُ: فَلَهُمْ الْفِرَارُ) . قَالَ الْجُمْهُورُ: وَالْفِرَارُ أَوْلَى وَالْحَالَةُ هَذِهِ، مَعَ ظَنِّ التَّلَفِ بِتَرْكِهِ. وَأَطْلَقَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي النُّسَخِ اسْتِحْبَابَ الثَّبَاتِ لِلزَّائِدِ عَلَى الضَّعْفِ.

فَائِدَةٌ:

قَالَ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمْ: لَوْ خَشِيَ الْأَسْرَ فَالْأَوْلَى أَنْ يُقَاتِلَ

<<  <  ج: ص:  >  >>