قَوْلُهُ (فَإِنْ دَعَا كَافِرٌ إلَى الْبِرَازِ اُسْتُحِبَّ لِمَنْ يَعْلَمُ مِنْ نَفْسِهِ الْقُوَّةَ وَالشُّجَاعَةَ مُبَارَزَتُهُ بِإِذْنِ الْأَمِيرِ) هَذَا الْمَذْهَبُ. أَعْنِي تَحْرِيمَ الْمُبَارَزَةِ بِغَيْرِ إذْنِهِ. وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ. بَلْ هُوَ كَالصَّرِيحِ. وَنَصَّ عَلَيْهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ، وَالنَّظْمِ. قَالَ نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ: بِغَيْرِ إذْنٍ تَحْرُمُ الْمُبَارَزَةُ فَالسَّلْبُ الْمَشْهُورُ لَيْسَتْ جَائِزَةً وَعَنْهُ يُكْرَهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ. حَكَاهَا الْخَطَّابِيُّ. وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي الْمُغْنِي فَإِنَّهُ قَالَ: يَنْبَغِي أَنْ يَسْتَأْذِنَ الْأَمِيرَ فِي الْمُبَارَزَةِ إذَا أَمْكَنَ. وَقَالَ فِي الْفُصُولِ فِي اللِّبَاسِ: وَهَلْ تُسْتَحَبُّ الْمُبَارَزَةُ ابْتِدَاءً، لِمَا فِيهَا مِنْ كَسْرِ قُلُوبِ الْمُشْرِكِينَ، أَمْ تُكْرَهُ لِئَلَّا تَنْكَسِرَ قُلُوبُ الْمُؤْمِنِينَ؟ فِيهِ احْتِمَالَانِ. وَقَالَ الشَّارِحُ: الْمُبَارَزَةُ تَنْقَسِمُ إلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ.
إحْدَاهَا: مُسْتَحَبَّةٌ. وَهِيَ مَسْأَلَةُ الصِّنْفِ
وَالثَّانِيَةُ: مُبَاحَةٌ. وَهِيَ: أَنْ يَبْتَدِئَ الشُّجَاعُ فَيَطْلُبَهَا. فَتُبَاحُ وَلَا تُسْتَحَبُّ قُلْت: فِي الْبُلْغَةِ: إنَّهَا تُسْتَحَبُّ أَيْضًا.
الثَّالِثَةُ: مَكْرُوهَةٌ. وَهِيَ أَنْ يَبْرُزَ الضَّعِيفُ الَّذِي لَا يَثِقُ مِنْ نَفْسِهِ. فَتُكْرَهُ لَهُ.
قَوْلُهُ (فَإِنْ شَرَطَ الْكَافِرُ أَنْ لَا يُقَاتِلَهُ غَيْرُ الْخَارِجِ إلَيْهِ: فَلَهُ شَرْطُهُ) وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ الْعَادَةُ كَذَلِكَ. فَإِنْ انْهَزَمَ الْمُسْلِمُ، أَوْ أُثْخِنَ بِالْجِرَاحِ. جَاز الدَّفْعُ عَنْهُ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: فَإِنْ انْهَزَمَ الْمُسْلِمُ أَوْ الْكَافِرُ وَفِي الْبُلْغَةِ: أَوْ أُثْخِنَ فَلِكُلِّ مُسْلِمٍ الدَّفْعُ عَنْهُ وَالرَّمْيُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute