وَسُئِلَ عَنْ قَوْمٍ غَنِمُوا غَنَائِمَ كَثِيرَةً، فَتَبَقَّى جَزْءٌ مِنْ الْمَتَاعِ مِمَّا لَا يُبَاعُ وَلَا يُشْتَرَى، فَيَدَعُهُ الْوَالِي، بِمَنْزِلَةِ الْفَخَّارِ وَمَا أَشْبَهَ، أَيَأْخُذُهُ الْإِنْسَانُ لِنَفْسِهِ؟ قَالَ: نَعَمْ إذَا تَرَكَ وَلَمْ يَشْتَرِ.
وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ فِي الْمَتَاعِ لَا يَقْدِرُونَ عَلَى حَمْلِهِ: إذَا حَمَلَهُ يُقْسَمُ. قَالَ الْخَلَّالُ: لَا أَشُكُّ أَنَّ أَحْمَدَ قَالَ هَذَا أَوْ لَا. ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّ لِلْإِمَامِ أَنْ يُبِيحَهُ.
الثَّانِيَةُ: لَوْ أَخَذَ مَا لَا قِيمَةَ لَهُ فِي أَرْضِهِمْ كَالْمِسَنِّ، وَالْأَقْلَامِ، وَالْأَدْوِيَةِ كَانَ لَهُ. هُوَ أَحَقُّ بِهِ. وَإِنْ صَارَ لَهُ قِيمَةٌ بِمُعَالَجَتِهِ أَوْ نَقْلِهِ. نَصَّ أَحْمَدُ عَلَى نَحْوِهِ. وَقَالَهُ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَغَيْرِهِمَا.
وَتَقَدَّمَ بَعْضُ ذَلِكَ فِي آخِرِ الْبَابِ الَّذِي قَبْلَهُ فِي جَوَازِ الْأَكْلِ.
وَأَمَّا إذَا فَضَّلَ بَعْضَ الْغَانِمِينَ عَلَى بَعْضٍ، فَأَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ فِي جَوَازِهِ رِوَايَتَيْنِ.
وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ مُنَجَّا فِي شَرْحِهِ. وَمَحَلُّهُمَا إذَا كَانَ لِمَعْنًى فِي الْمُعْطَى، كَالشَّجَاعَةِ وَنَحْوِهَا. فَإِنْ كَانَ لَا لِمَعْنًى لَهُ فِيهِ: لَمْ يَجُزْ قَوْلًا وَاحِدًا. وَإِنْ كَانَ لِمَعْنًى فِيهِ، وَلَمْ يَشْرِطْهُ وَهِيَ مَسْأَلَةُ الْمُصَنِّفِ فَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: جَوَازُ ذَلِكَ. جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي، وَالْكَافِي، وَالشَّرْحِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ.
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا يَجُوزُ. جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ. وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ. وَتَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ عَلَى ذَلِكَ فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَهُ عِنْدَ ذِكْرِ النَّفْلِ.
قَوْلُهُ (وَمَنْ اُسْتُؤْجِرَ لِلْجِهَادِ مِمَّنْ لَا يَلْزَمُهُ مِنْ الْعَبِيدِ وَالْكُفَّارِ فَلَيْسَ لَهُ إلَّا الْأُجْرَةُ) .
اعْلَمْ أَنَّهُ إذَا اُسْتُؤْجِرَ مَنْ لَا يَلْزَمُهُ الْجِهَادُ، فَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا: صِحَّةُ الْإِجَارَةِ. وَهُوَ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ. وَقَدَّمَهُ فِي الشَّرْحِ.
قَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ: وَإِنْ اُسْتُؤْجِرَ مَنْ لَا يَلْزَمُهُ بِحُضُورِهِ كَعَبْدٍ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute