لِلْمُشْتَرِي: اُشْتُرِطَ عِلْمُهُ وَسَائِرُ شُرُوطِ الْبَيْعِ. وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَقْصُودٍ، بَلْ قَصَدَ الْمُشْتَرِي تَرْكَهُ لِلْعَبْدِ لِيَنْتَفِعَ بِهِ وَحْدَهُ: لَمْ يَشْتَرِطْ ذَلِكَ. لِأَنَّهُ تَابِعٌ غَيْرُ مَقْصُودٍ. وَهَذِهِ الطَّرِيقَةُ هِيَ الْمَنْصُوصَةُ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ، وَأَكْثَرُ أَصْحَابِهِ. كَالْخِرَقِيِّ، وَأَبِي بَكْرٍ وَالْقَاضِي فِي خِلَافِهِ، وَكَلَامُهُ ظَاهِرٌ فِي الصِّحَّةِ. وَإِنْ قُلْنَا الْعَبْدُ لَا يَمْلِكُ. وَتَرْجِعُ الْمَسْأَلَةُ عَلَى هَذِهِ الطَّرِيقَةِ إلَى بَيْعٍ رِبَوِيٍّ بِغَيْرِ جِنْسِهِ، وَمَعَهُ مِنْ جِنْسِهِ مَا هُوَ غَيْرُ مَقْصُودٍ. وَرَجَّحَ صَاحِبُ الْمُغْنِي هَذِهِ الطَّرِيقَةَ. وَقَالَ فِي الْقَوَاعِدِ: وَأَنْكَرَ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ: أَنْ يَكُونَ الْقَصْدُ وَعَدَمُهُ مُعْتَبَرًا فِي صِحَّةِ الْعَقْدِ فِي الظَّاهِرِ. وَهُوَ عُدُولٌ عَنْ قَوَاعِدِ الْمَذْهَبِ وَأُصُولِهِ. وَالطَّرِيقَةُ الثَّالِثَةُ: الْجَمْعُ بَيْنَ الطَّرِيقَتَيْنِ وَهِيَ طَرِيقَةُ الْقَاضِي فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ وَصَاحِبِ الْمُحَرَّرِ، وَمَضْمُونُهَا: أَنَّا إنْ قُلْنَا الْعَبْدُ يَمْلِكُ: لَمْ يُشْتَرَطْ لِمَالِهِ شُرُوطُ الْبَيْعِ بِحَالٍ، وَإِنْ قُلْنَا: لَا يَمْلِكُ: فَإِنْ كَانَ الْمَالُ مَقْصُودًا لِلْمُشْتَرِي: اُشْتُرِطَ لَهُ شَرَائِطُ الْبَيْعِ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَقْصُودٍ: لَمْ يُشْتَرَطْ لَهُ ذَلِكَ. انْتَهَى.
وَذَكَرَهَا أَيْضًا فِي الْقَوَاعِدِ [وَذَكَرَ الزَّرْكَشِيُّ أَرْبَعُ طُرُقٍ] . قَوْلُهُ (وَإِنْ كَانَتْ عَلَيْهِ ثِيَابٌ. فَقَالَ أَحْمَدُ: مَا كَانَ لِلْجَمَالِ فَهُوَ لِلْبَائِعِ، وَمَا كَانَ لِلُّبْسِ الْمُعْتَادِ فَهُوَ لِلْمُشْتَرِي) . وَهُوَ الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَتَقَدَّمَ اخْتِيَارُ الْمُصَنِّفِ فِيمَا إذَا اشْتَرَى أَمَةً مِنْ الْمَغْنَمِ. وَإِذَا كَانَ هُنَاكَ قَرِينَةٌ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ مُرَادَهُ جَمِيعُ الثِّيَابِ.
فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا: عَذَارِ الْفَرَسِ، وَمِقْوَدُ الدَّابَّةِ: كَثِيَابِ الْعَبْدِ، وَيَدْخُلُ نَعْلُهَا فِي بَيْعِهَا كَلُبْسِ الْعَبْدِ. قَالَ فِي التَّرْغِيبِ: وَأُولَى.
الثَّانِيَةُ: لَوْ بَاعَ الْعَبْدُ وَلَهُ سُرِّيَّةٌ: لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَهُمَا، كَامْرَأَتِهِ وَهِيَ مِلْكٌ لِلسَّيِّدِ. نَقَلَهُ حَرْبٌ. ذَكَرَهُ فِي الْفُرُوعِ فِي أَحْكَامِ الْعَبْدِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute