أَمَّا إذَا قُلْنَا يَمْلِكُ، فَصَرَّحَ أَبُو الْبَرَكَاتِ: بِأَنَّهُ يَصِحُّ شَرْطُهُ، وَإِنْ كَانَ مَجْهُولًا. وَلَمْ يَعْتَبِرْ أَبُو مُحَمَّدٍ الْمِلْكَ، بَلْ أَنَاطَ الْحُكْمَ بِالْقَصْدِ وَعَدَمِهِ. وَزَعَمَ أَنَّ هَذَا مَنْصُوصُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ، وَالْخِرَقِيِّ. وَفِي نَسَبِهِ هَذَا إلَيْهِمَا نَظَرٌ. لِاحْتِمَالِ بِنَائِهِمَا عَلَى الْمِلْكِ كَمَا تَقَدَّمَ وَهُوَ أَوْفَقُ لِكَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَلِمَشْهُورِ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ. وَحَكَى أَبُو مُحَمَّدٍ عَنْ الْقَاضِي: أَنَّهُ رَتَّبَ الْحُكْمَ عَلَى الْمِلْكِ وَعَدَمِهِ. فَإِنْ قُلْنَا: يَمْلِكُ: لَمْ يُشْتَرَطْ. وَإِنْ قُلْنَا: لَا يَمْلِكُ: اُشْتُرِطَ. وَحَكَى صَاحِبُ التَّلْخِيصِ عَنْ الْأَصْحَابِ: أَنَّهُمْ رَتَّبُوا الْحُكْمَ عَلَى الْقَصْدِ وَعَدَمِهِ، كَمَا يَقُولُهُ أَبُو مُحَمَّدٍ. ثُمَّ قَالَ: وَهَذَا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْعَبْدَ يَمْلِكُ. أَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ: فَيَسْقُطُ حُكْمُ التَّبَعِيَّةِ، وَيَصِيرُ كَمَنْ بَاعَ عَبْدًا وَمَالًا. وَهَذَا عَكْسُ طَرِيقَةِ أَبِي الْبَرَكَاتِ. ثُمَّ يَلْزَمُهُ التَّفْرِيعُ عَلَى الرِّوَايَةِ الضَّعِيفَةِ. وَيَتَلَخَّصُ فِي الْمَسْأَلَةِ أَرْبَعَةُ طُرُقٍ. انْتَهَى. كَلَامُ الزَّرْكَشِيّ. وَقَالَ ابْنُ رَجَبٍ فِي فَوَائِدِهِ: إذَا بَاعَ عَبْدًا وَلَهُ مَالٌ. فَفِيهِ لِلْأَصْحَابِ طُرُقٌ:
أَحَدُهَا: الْبِنَاءُ عَلَى الْمِلْكِ وَعَدَمِهِ. فَإِنْ قُلْنَا: يَمْلِكُ، لَمْ يَشْتَرِطْ مَعْرِفَةَ الْمَالِ، وَلَا سَائِرَ شَرَائِطِ الْبَيْعِ. لِأَنَّهُ غَيْرُ دَاخِلٍ فِي الْعَقْدِ. وَإِنَّمَا اُشْتُرِطَ عَلَى مِلْكِ الْعَبْدِ لِيَكُونَ عَبْدًا ذَا مَالٍ. وَذَلِكَ صِفَةٌ فِي الْعَبْدِ لَا تُفْرَدُ بِالْمُعَاوَضَةِ. فَهُوَ كَبَيْعِ الْمُكَاتَبِ الَّذِي لَهُ مَالٌ. وَإِنْ قُلْنَا لَا يَمْلِكُ اشْتِرَاطُ مَعْرِفَةِ الْمَالِ. وَإِنْ تَبِعَهُ بِغَيْرِ جِنْسِ الْمَالِ، أَوْ بِجِنْسِهِ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ أَكْثَرَ عَلَى رِوَايَةٍ. وَيُشْتَرَطُ التَّقَابُضُ لِأَنَّ الْمَالَ دَاخِلٌ فِي عَقْدِ الْبَيْعِ. وَهَذِهِ طَرِيقَةُ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ، وَابْنِ عَقِيلٍ، وَأَبِي الْخَطَّابِ فِي انْتِصَارِهِ، وَغَيْرِهِمْ. وَالطَّرِيقَةُ الثَّانِيَةُ: اعْتِبَارُ قَصْدِ الْمَالِ أَوْ عَدَمِهِ لَا غَيْرُ. فَإِنْ كَانَ الْمَالُ مَقْصُودًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute