وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: يَصِحُّ، وَيُفَسِّرُهُ. وَقَالَ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ: لَا تُعْرَفُ الرِّوَايَةُ عَنْ إمَامِنَا. فَيَمْنَعُ. وَقَدْ سَلَّمَهُ بَعْضُ الْأَصْحَابِ لِجَهَالَتِهِ حَالًا وَمَآلًا. وَلَوْ ضَمِنَ أَحَدَ هَذَيْنِ الدَّيْنَيْنِ لَمْ يَصِحَّ قَوْلًا وَاحِدًا. وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - صِحَّةَ ضَمَانِ الْحَارِسِ وَنَحْوِهِ وَتُجَّارِ الْحَرْبِ، مَا يَذْهَبُ مِنْ الْبَلَدِ أَوْ الْبَحْرِ، وَأَنَّ غَايَتَهُ ضَمَانُ مَا لَمْ يَجِبْ. وَضَمَانُ الْمَجْهُولِ كَضَمَانِ السُّوقِ. وَهُوَ أَنْ يَضْمَنَ مَا يَجِبُ عَلَى التُّجَّارِ لِلنَّاسِ مِنْ الدُّيُونِ. وَهُوَ جَائِزٌ عِنْدَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ، كَمَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ. وَالْإِمَامِ أَحْمَدَ - رَحِمَهُمُ اللَّهُ -.
الثَّانِيَةُ: لَوْ قَالَ: مَا أَعْطَيْت فُلَانًا فَهُوَ عَلَيَّ. فَهَلْ يَكُونُ ضَامِنًا لِمَا يُعْطِيهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ، أَوْ لِمَا أَعْطَاهُ فِي الْمَاضِي، مَا لَمْ تَصْرِفْهُ قَرِينَةٌ عَنْ أَحَدِهِمَا؟ فِيهِ وَجْهَانِ ذَكَرَهَا فِي الْإِرْشَادِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُسْتَوْعِبِ، وَالتَّلْخِيصِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ، وَالْفُرُوعِ، وَالْفَائِقِ، وَالزَّرْكَشِيِّ.
أَحَدُهُمَا: يَكُونُ لِلْمَاضِي. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مُرَادَ الْخِرَقِيِّ. وَيُرَجِّحُهُ إعْمَالُ الْحَقِيقَةِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ. وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ. وَصَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَكُونُ لِلْمُسْتَقْبَلِ. وَصَحَّحَهُ شَارِحُ الْمُحَرَّرِ. وَحَمَلَ الْمُصَنِّفُ كَلَامَ الْخِرَقِيِّ عَلَيْهِ. فَيَكُونُ اخْتِيَارَ الْخِرَقِيِّ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَمَا أَعْطَيْت فُلَانًا عَلَيَّ وَنَحْوُهُ، وَلَا قَرِينَةَ: قُبِلَ مِنْهُ. وَقِيلَ: لِلْوَاجِبِ. انْتَهَى.
وَقَدْ ذَكَرَ النُّحَاةُ الْوَجْهَيْنِ. وَقَدْ وَرَدَ لِلْمَاضِي فِي قَوْله تَعَالَى {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ} [آل عمران: ١٧٣] وَوَرَدَ لِلْمُسْتَقْبَلِ فِي قَوْله تَعَالَى {إِلا الَّذِينَ تَابُوا} [النور: ٥] قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute