غَيْرِ الْمِثْلِيِّ كَمَعْدُودٍ وَمَذْرُوعٍ وَجْهَانِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالْفُرُوعِ، وَالْفَائِقِ، وَالزَّرْكَشِيِّ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ: وَإِنَّمَا تَصِحُّ بِدَيْنٍ مَعْلُومٍ، يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِ. وَأَطْلَقَا فِي إبِلِ الدِّيَةِ الْوَجْهَيْنِ.
أَحَدُهُمَا: تَصِحُّ فِي الْمَعْدُودِ، وَالْمَذْرُوعِ. قَالَ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ: تَجُوزُ الْحَوَالَةُ بِكُلِّ مَا صَحَّ السَّلَمُ فِيهِ، وَهُوَ مَا يُضْبَطُ بِالصِّفَاتِ، سَوَاءٌ كَانَ لَهُ مِثْلٌ كَالْأَدْهَانِ، وَالْحُبُوبِ، وَالثِّمَارِ أَوْ لَا مِثْلَ لَهُ، كَالْحَيَوَانِ، وَالثِّيَابِ. وَقَدْ أَوْمَأَ إلَيْهِ الْإِمَامُ أَحْمَدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ. وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ. قَالَ النَّاظِمُ: تَصِحُّ فِيمَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا تَصِحُّ. قَالَ الشَّارِحُ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُخَرَّجَ هَذَانِ الْوَجْهَانِ عَلَى الْخِلَافِ فِيمَا يُقْضَى بِهِ قَرْضُ هَذِهِ الْأَمْوَالِ. انْتَهَى.
وَأَمَّا الْإِبِلُ: فَقَالَ الشَّارِحُ: لَوْ كَانَ عَلَيْهِ إبِلٌ مِنْ الدِّيَةِ، وَلَهُ عَلَى آخَرَ مِثْلُهَا فِي السِّنِّ، فَقَالَ الْقَاضِي: تَصِحُّ؛ لِأَنَّهَا تَخْتَصُّ بِأَقَلَّ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ الِاسْمُ فِي السِّنِّ وَالْقِيمَةِ، وَسَائِرِ الصِّفَاتِ. وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: لَا تَصِحُّ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ؛ لِأَنَّهَا مَجْهُولَةٌ. وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ إبِلٌ مِنْ دِيَةٍ، وَلَهُ عَلَى آخَرَ مِثْلُهَا قَرْضًا، فَأَحَالَهُ. فَإِنْ قُلْنَا يُرَدُّ فِي الْقَرْضِ قِيمَتُهَا: لَمْ تَصِحَّ الْحَوَالَةُ. لِاخْتِلَافِ الْجِنْسِ. وَإِنْ قُلْنَا يُرَدُّ مِثْلُهَا: اقْتَضَى قَوْلُ الْقَاضِي: صِحَّةَ الْحَوَالَةِ. وَإِنْ كَانَتْ بِالْعَكْسِ، فَأَحَالَ الْمُقْرِضُ بِإِبِلٍ: لَمْ يَصِحَّ. انْتَهَى.
تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ (اتِّفَاقُ الدَّيْنَيْنِ فِي الْجِنْسِ) كَالذَّهَبِ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ بِالْفِضَّةِ وَنَحْوِهِمَا. وَالصِّفَةِ، كَالصِّحَاحِ بِالصِّحَاحِ وَعَكْسِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute