أَمَّا الْإِسْقَاطُ: فَيَصِحُّ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ، وَغَيْرُهُمَا. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِ. وَعَنْهُ: لَا يَصِحُّ الْإِسْقَاطُ. وَأَمَّا التَّأْجِيلُ: فَلَا يَصِحُّ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ؛ لِأَنَّهُ وَعْدٌ. وَعَنْهُ يَصِحُّ. وَذَكَرَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - رِوَايَةً: بِتَأْجِيلِ الْحَالِّ فِي الْمُعَاوَضَةِ، لَا التَّبَرُّعِ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ، وَالظَّاهِرُ: أَنَّهَا هَذِهِ الرِّوَايَةُ. وَأَطْلَقَ فِي التَّلْخِيصِ الرِّوَايَتَيْنِ فِي صِحَّةِ الصُّلْحِ. ثُمَّ قَالَ: وَاَلَّذِي أَرَاهُ أَنَّ الرِّوَايَتَيْنِ: فِي الْبَرَاءَةِ. وَهُوَ الْإِسْقَاطُ. فَأَمَّا الْأَجَلُ فِي الْبَاقِي: فَلَا يَصِحُّ بِحَالٍ؛ لِأَنَّهُ وَعْدٌ. انْتَهَى.
وَاعْلَمْ أَنَّ أَكْثَرَ الْأَصْحَابِ قَالُوا: لَا يَصِحُّ الصُّلْحُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ. وَصَحَّحَهُ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَغَيْرِهِمْ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْكَافِي، وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ. فَقَالَ:
وَالدَّيْنُ إنْ يُوصَفْ بِالْحُلُولِ ... فَالصُّلْحُ لَا يَصِحُّ فِي الْمَنْقُولِ
عَلَيْهِ بِالْبَعْضِ مَعَ التَّأْجِيلِ ... رَجَّحَهُ الْجُمْهُورُ بِالدَّلِيلِ
وَقَالَ بِالْجَزْمِ بِهِ فِي الْكَافِي ... وَفَصَّلَ الْمُقْنِعُ لِلْخِلَافِ
فَصَحِّحْ الْإِسْقَاطَ دُونَ الْأَجَلِ ... وَذَاكَ نَصُّ الشَّافِعِيِّ يَنْجَلِي
انْتَهَى.
فَائِدَةٌ: مِثْلُ ذَلِكَ خِلَافًا وَمَذْهَبًا: لَوْ صَالَحَهُ عَنْ مِائَةِ صِحَاحٍ بِخَمْسِينَ مُكَسَّرَةً، هَلْ هُوَ: إبْرَاءٌ مِنْ الْخَمْسِينَ. أَوْ وَعْدٌ فِي الْأُخْرَى؟
قَوْلُهُ (وَإِنْ صَالَحَ عَنْ الْحَقِّ بِأَكْثَرَ مِنْهُ مِنْ جِنْسِهِ، مِثْلُ أَنْ يُصَالِحَ عَنْ دِيَةِ الْخَطَإِ، أَوْ عَنْ قِيمَةِ مُتْلَفٍ بِأَكْثَرَ مِنْهَا مِنْ جِنْسِهَا: لَمْ يَصِحَّ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute