لَكِنْ أَوَّلَهُ ابْنُ مُنَجَّى فِي شَرْحِهِ. وَقَالَ: مَعْنَى " زَالَ " تَبَيَّنَ. وَذَكَرَ أَنَّهُ لِمَصْلَحَةٍ مَنْ أُذِنَ لَهُ فِي إصْلَاحِهِ، كَالنُّسْخَةِ الْأُولَى. وَمَثَّلَهُ: بِمَا إذَا كَانَ الْمَبِيعُ أَمَةً ظَنَّهَا حَامِلًا لِانْتِفَاخِ بَطْنِهَا. ثُمَّ زَالَ. وَقَالَ: صَرَّحَ بِهِ أَبُو الْخَطَّابِ فِي الْهِدَايَةِ. ثُمَّ قَالَ: فَعَلَى هَذَا: إنْ كَانَ مَوْجُودًا أَيْ: الْعَيْبُ عِنْدَ الْعَقْدِ، ثُمَّ زَالَ. كَمَبِيعِ طَيْرٍ مَرِيضًا. فَتَعَافَى: لَا شَيْءَ لَهَا. وَزَوَالُ الْعَيْبِ بَعْدَ ثُبُوتِهِ حَالَ الْعَقْدِ: لَا يُوجِبُ بُطْلَانَ الْأَرْشِ. لَكِنَّ تَأْوِيلَهُ مُخَالِفٌ لِظَاهِرِ اللَّفْظِ. وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالنَّظْمِ. فَإِنَّهُمْ ذَكَرُوا الصُّورَتَيْنِ. وَجَعَلُوا حُكْمَهُمَا وَاحِدًا. إذَا تَحَقَّقَ ذَلِكَ. فَهُنَا صُورَتَانِ. إحْدَاهُمَا: إذَا تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَيْسَ بِعَيْبٍ. فَهَذِهِ لَا نِزَاعَ فِيهَا فِي رَدِّ الْأَرْشِ.
الثَّانِيَةُ: إذَا كَانَ الْعَيْبُ مَوْجُودًا ثُمَّ زَالَ. فَهَذِهِ مَحَلُّ الْكَلَامِ وَالْخِلَافِ. فَحَكَى فِي الرِّعَايَتَيْنِ فِيهَا وَجْهَيْنِ. وَزَادَ فِي الْكُبْرَى قَوْلًا ثَالِثًا.
أَحَدُهَا: أَنَّهُ حَيْثُ زَالَ يُرَدُّ الْأَرْشُ. وَهُوَ الَّذِي قَطَعَ بِهِ فِي الْمُذْهَبِ، وَالْحَاوِيَيْنِ. وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ. وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَالْكَافِي، وَالْفُرُوعِ. لِاقْتِصَارِهِمْ عَلَى قَوْلِهِمْ " فَزَالَ ". وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّ الْأَرْشَ قَدْ اسْتَقَرَّ لِمَنْ أَخَذَهُ، وَلَوْ زَالَ الْعَيْبُ، وَلَا يَلْزَمُهُ رَدُّهُ. وَهَذَا ظَاهِرُ مَا فِي الْخُلَاصَةِ، وَالْمُقْنِعِ فِي نُسْخَةٍ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالشَّرْحِ، وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ، وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ، وَالْمُنَوِّرِ، وَالْمُنْتَخَبِ، وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ. لِاقْتِصَارِهِمْ عَلَى قَوْلِهِمْ " فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ لَيْسَ بِعَيْبٍ " اخْتَارَهُ ابْنُ مُنَجَّى. وَقَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ: لَا خِلَافَ فِيهِ. وَكَأَنَّهُ مَا اطَّلَعَ عَلَى كَلَامِهِ فِي الْمُذْهَبِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ. وَلَنَا قَوْلٌ ثَالِثٌ فِي الْمَسْأَلَةِ: اخْتَارَهُ ابْنُ حَمْدَانَ فِي الْكُبْرَى.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute