وَإِنْ قُلْنَا: لَا يَصِحُّ الْإِبْرَاءُ مِنْ الْمَجْهُولِ، فَلَا يَصِحُّ الصُّلْحُ عَنْهُ.
فَائِدَةٌ: حَيْثُ قُلْنَا: يَصِحُّ الصُّلْحُ عَنْ الْمَجْهُولِ. فَإِنَّهُ يَصِحُّ بِنَقْدٍ وَنَسِيئَةٍ. جَزَمَ بِهِ فِي الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْأَصْحَابِ.
قَوْلُهُ (الْقِسْمُ الثَّانِي: أَنْ يَدَّعِيَ عَلَيْهِ عَيْنًا، أَوْ دَيْنًا. فَيُنْكِرَهُ أَوْ يَسْكُتَ، ثُمَّ يُصَالِحَهُ عَلَى مَالٍ. فَيَصِحُّ، وَيَكُونُ بَيْعًا فِي حَقِّ الْمُدَّعِي. حَتَّى إنْ وَجَدَ بِمَا أَخَذَهُ عَيْبًا فَلَهُ رَدُّهُ وَفَسْخُ الصُّلْحِ، وَإِنْ كَانَ شِقْصًا مَشْفُوعًا: ثَبَتَتْ فِيهِ الشُّفْعَةُ) . وَإِنْ صَالَحَ بِبَعْضِ الْعَيْنِ الْمُدَّعَى بِهَا، فَهُوَ فِيهِ كَالْمُنْكِرِ. قَالَهُ الْأَصْحَابُ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَفِيهِ خِلَافٌ. قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: فَهُوَ كَالْمُنْكِرِ. وَفِي صِحَّتِهِ احْتِمَالَانِ. (وَيَكُونُ إبْرَاءً فِي حَقِّ الْآخَرِ. فَلَا يُرَدُّ مَا صَالَحَ عَنْهُ بِعَيْبٍ وَلَا يُؤْخَذُ بِشُفْعَةٍ) . اعْلَمْ أَنَّ الصَّحِيحَ مِنْ الْمَذْهَبِ: صِحَّةُ الصُّلْحِ عَلَى الْإِنْكَارِ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْهُمْ. وَعَنْهُ: لَا يَصِحُّ الصُّلْحُ عَنْ الْإِنْكَارِ. فَعَلَى الْمَذْهَبِ: يَثْبُتُ فِيهِ مَا قَالَ الْمُصَنِّفُ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. لَكِنْ قَالَ فِي الْإِرْشَادِ: يَصِحُّ هَذَا الصُّلْحُ بِنَقْدٍ وَنَسِيئَةٍ؛ لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ مُلْجَأٌ إلَى التَّأْخِيرِ بِتَأْخِيرِ خَصْمِهِ. قَالَ فِي التَّلْخِيصِ، وَالتَّرْغِيبِ: وَظَاهِرُ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى: أَنَّ أَحْكَامَ الْبَيْعِ وَالصَّرْفِ لَا تَثْبُتُ فِي هَذَا الصُّلْحِ، إلَّا فِيمَا يَخْتَصُّ بِالْبَيْعِ، مِنْ شُفْعَةٍ عَلَيْهِ، وَأَخْذِ زِيَادَةٍ، مَعَ اتِّحَادِ جِنْسِ الْمُصَالَحِ عَنْهُ وَالْمُصَالَحِ بِهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ أَمْكَنَهُ أَخْذُ حَقِّهِ بِدُونِهَا، وَإِنْ تَأَخَّرَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute