وَاقْتَصَرَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: إذَا صَالَحَهُ عَلَى بَعْضِ حَقِّهِ بِتَأْخِيرٍ: جَازَ. وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ أَبِي مُوسَى: الصُّلْحُ جَائِزٌ بِالنَّقْدِ وَالنَّسِيئَةِ وَمَعْنَاهُ ذَكَرَهُ أَبُو بَكْرٍ. فَإِنَّهُ قَالَ: الصُّلْحُ بِالنَّسِيئَةِ. ثُمَّ ذَكَرَ رِوَايَةَ مُهَنَّا: يَسْتَقِيمُ أَنْ يَكُونَ صُلْحًا بِتَأْخِيرٍ. فَإِذَا أَخَذَهُ مِنْهُ لَمْ يُطَالِبْهُ بِالْبَقِيَّةِ. انْتَهَى.
قُلْت: مِمَّنْ قَطَعَ بِصِحَّةِ صُلْحِ الْإِنْكَارِ بِنَقْدٍ وَنَسِيئَةٍ: ابْنُ حَمْدَانَ فِي الرِّعَايَةِ وَذَكَرَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ، وَالتَّلْخِيصِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَغَيْرِهِمْ عَنْ ابْنِ أَبِي مُوسَى. وَاقْتَصَرُوا عَلَيْهِ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ صَالَحَ عَنْ الْمُنْكِرِ أَجْنَبِيٌّ بِغَيْرِ إذْنِهِ: صَحَّ) . إذَا صَالَحَ عَنْ الْمُنْكِرِ أَجْنَبِيٌّ، فَتَارَةً يَكُونُ الْمُدَّعَى بِهِ دَيْنًا، وَتَارَةً يَكُونُ عَيْنًا. فَإِنْ كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ دَيْنًا: صَحَّ الصُّلْحُ عِنْدَ الْأَصْحَابِ. وَجَزَمَ بِهِ الْأَكْثَرُ. مِنْهُمْ صَاحِبُ الْفُرُوعِ. وَقِيلَ: لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ بَيْعُ دَيْنٍ لِغَيْرِ الْمَدْيُونِ. ذَكَرَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. وَإِنْ كَانَ عَيْنًا، وَلَمْ يَذْكُرْ أَنَّ الْمُنْكِرَ وَكَّلَهُ. فَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا: صِحَّةُ الصُّلْحِ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ. وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي، وَالْكَافِي، وَالشَّرْحِ، وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى. وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْفَائِقِ. وَقِيلَ: لَا يَصِحُّ إنْ لَمْ يَدَّعِ أَنَّهُ وَكَّلَهُ. جَزَمَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالْحَاوِيَيْنِ. وَهُوَ ظَاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ رَزِينٍ فِي نِهَايَتِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي النَّظْمِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ. قَوْلُهُ (وَلَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِ، فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ) . قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ: لَا يَصِحُّ فِي الْأَصَحِّ. وَصَحَّحَهُ ابْنُ مُنَجَّى فِي شَرْحِهِ. قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: أَظْهَرُهُمَا لَا يَرْجِعُ. وَاخْتَارَهُ فِي الْحَاوِي الْكَبِيرِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute